إن مصطلح الديمقراطية بشكله الإغريقي - اليوناني القديم- تم نحته في أثينا القديمة في القرن الخامس قبل الميلاد، والديمقراطية الأثينية عموماً يُنظر إليها على أنها من أولى الأمثلة التي تنطبق عليها المفاهيم المعاصرة للحكم الديمقراطي. كان نصف أو ربع سكان أثينا الذكور فقط لهم حق التصويت، ولكن هذا الحاجز لم يكن حاجزاً قومياً ولا علاقة له بالمكانة الاقتصادية فبغض النظر عن درجة فقرهم كان كل مواطني أثنيا أحرارا في التصويت والتحدث في الجمعية العمومية. وكان مواطنو أثينا القديمة يتخذون قراراتهم مباشرة بدلاً من التصويت على اختيار نواب ينوبون عنهم في اتخاذها.
وهذا الشكل من الحكم الديمقراطي الذي كان معمولاً به في أثينا القديمة يسمى بالديمقراطية المباشرة أو الديمقراطية النقية. وبمرور الزمن تغير معنى "الديمقراطية" وارتقى تعريفها الحديث كثيراً منذ القرن الثامن عشر مع ظهور الأنظمة "الديمقراطية" المتعاقبة في العديد من دول العالم.
أولى أشكال الديمقراطية ظهرت في جمهوريات الهند القديمة والتي تواجدت في فترة القرن السادس قبل الميلاد. ومن بين هذه الجمهوريات فايشالي التي كانت تحكم فيما يعرف اليوم ببيهار في الهند، والتي تعتبر أول حكومة جمهورية في تاريخ البشرية. وبعد ذلك في عهد الإسكندر الكبير في القرن الرابع قبل الميلاد كتب الإغريق عن دولتين كانتا تحكمان ما يعرف اليوم بباكستان وأفغانستان، " وفقاً للمؤرخين اليونانيين الذين كتبوا عنهما في حينه فإن شكل الحكومة فيهما كان ديمقراطياً ولم يكن ملكياً".
تطوّر القيم الديمقراطية في العصور الوسطى:
معظم الديمقراطيّات القديمة نمت في مُدنٍ صغيرة ذات ديانات محليّة أو ما يسمَّى بالمدينة-الدولة. وهكذا فإِنّ قيام الإِمبراطوريات والدول الكبرى مثل الإِمبراطورية الفارسيّة والإِمبراطورية الرومانيّة والإِمبراطورية الصينية والإِمبراطورية الإِسلامية والإِمبراطورية المغولية في العصور الوسطى وفي معظم البلاد التي كانت تضم الديمقراطيات الأولى قد قضى علَى هذه الدويلات الديمقراطية بل علَى فُرص قيامها أيضاً. لكن هذا لا يعني أن تطَوّرا باتجاهِ الديمقراطية لم يحصل في العصور الوسطى، ولكن معظم هذا التطوّر حصل علَى مستوَى القِيَم وحقوق الأفراد.
وقد ساهم ظهور الدياناتُ الكبرَى كالإسلام والمسيحية في تَوطيد قِيَمٍ وثقافاتٍ ساعدت علَى ازدهار الديمقراطية فيما بعد. ومن هذه القيم:
- فكرة شرعيّة الدَولة.
- فكرَة المساواة الكاملة بَين القبائِل والأعراق بشكلٍ عام.
- فكرَة المساواة ولو جُزئيّةً بين الأفراد ولاسيّما بَين الجنسَين وبين الأسياد والعبيد.
- أفكار عن المسؤوليّة والمسَاءَلة والتعاون والشورَى.
- فكرة سيادة القانون (و الشرع) والتساوي أمام القانون.
- الدفاع عن حقوقٍ عديدة مثل افتراض البراءة وتحريم العقاب الجماعي وحرية التنقل وحقوق الملكية وحق العمل.
- الأمر بالتعامل بالحسنَى والرفق والرحمَة وغيرها من مكارم الأخلاق الّتي لا بد منها لبناء دَولةٍ قائِمةٍ علَى الشرعيّة لا علَى العنف.
- حقيقة الديمقراطية - محمد شاكر الشريف
- تحطيم الصنم الديمقراطي - سليمان بن صالح الخراشي
- الديمقراطية والتحركات الراهنة للشارع العربي- الدكتور علي خليفة الكواري
ساحة النقاش