تصور أن قارب تجديف معين يطفو على سطح بحيرة، بحيث يمثل أ اتجاه وسرعة حركة القارب. وهناك قارب شراعي يسير باتجاه يقطع اتجاه قارب التجديف، ويمثل السهم ب اتجاه وسرعة القارب الشراعي ز فإذا سئل القارئ من آية جهة أتى القارب الشراعي، لإشارة في الحال إلى النقطة م ، الواقعة على الشاطئ . وإذا سئل راكب القارب الشراعي، نفس السؤال لإشارة إلى نقطة أخرى تماما . فلماذا؟
إن السبب في ذلك، هو أن الراكب لا يرى أن القارب يشكل عند سيره زاوية قائمة، مع الممر المقرر أن يسلكه. إن الراكب لا يشعر طبعا بحركته الذاتية : إذ يبدو له أنه واقف في مكانه بينما تتحرك الأشياء المحيطة به بنفس سرعة حركته الذاتية ولكن في الاتجاه المعاكس لذلك ، يبدو له أن القارب الشراعي لا يتحرك في اتجاه السهم ب فقط ، بل كذلك في اتجاه الخط المنقط أ، عكس حركة قارب التجديف .
إن هاتين الحركتين - الحقيقية والظاهرة - تجمعان حسب قاعدة متوازي الأضلاع . ونتيجة لذلك، يبدو لراكب قارب التجديف، وكأن القارب الشراعي يتحرك على القطر المتوازي الأضلاع، المرسوم من المستقيمين أ، ب. ولهذا السبب أيضًا ، يبدو للراكب أن القارب الشراعي لم يبدأ مسيره من النقطة م ، الواقعة على الشاطئ ، لكنه بدأ المسير من نقطة أخرى، هي النقطة ن ، الواقعة بعيدًا إلى الأمام، باتجاه حركة القارب الشراعي.
وعند دوراننا مع الأرض حول مدارها, ورؤيتنا لضياء الكواكب، فإننا نحدد مصدر الضياء بصورة غير صحيحة أيضًا، كما يحدد راكب قارب التجديف، النقطة التي اتجه منها القارب الشراعي. ولذلك تبدو لنا الكواكب وكأنها قد أزيحت قليلا إلى الأمام ، باتجاه حركة الأرض المدارية، وبالطبع فإن السرعة دوران الأرض ، ذات قيمة مهملة ، بالمقارنة مع سرعة الضوء ( أقل من سرعة الضوء بعشرة آلاف مرة )؛ لذلك تكون الإزاحة الظاهرة للكواكب قليلة جدا . لكننا نستطيع تحديدها بواسطة الأجهزة الفلكية. وتسمى هذه الظاهرة بزيغان الضوء.
وإذا كان القارئ مهتمًا بمثل هذه المسائل فليحاول الإجابة على السؤالين التاليين، المتعلقين بمسألة القارب:
- بأي اتجاه يسير قارب التجديف، من وجهة نظر راكب القارب الشراعي؟
- إلى أين يتجه قارب التجديف، كما يتراءى لراكب القارب الشراعي؟
للإجابة على هذين السؤالين يجب على القارئ أن يرسم من المستقيم أ متوازي أضلاع ،عندئذ سيبين قطر متوازي الأضلاع هذا أنه يبدو من وجهة نظر راكب القارب الشراعي ، أن قارب التجديف يسير في اتجاه مائل ، وكأنه يتهيأ للرسو على الشاطئ.
المصدر:
- كتاب الفيزياء المسلية (ياكوف بيريلمان)
ساحة النقاش