التساؤل    :    المدارس الفقهية لها آراء متعددة فى شان ختان الإناث: فمذهب الإمام الشافعى يقول "الختان واجب على الرجال والنساء" ومذهب الإمام أحمد بن حنبل يرى "أن الختان واجب على الرجال وليس بواجب على النساء بل مكرمة"، ومذهب الإمام أبى حنيفة والإمام مالك يقول " إن الختان للرجال سنة وللنساء مكرمة" ولم يقل أحد بمنعه؟

فهل يستفاد من ذلك جوازه. على الأقل. مادام هؤلاء الفقهاء لم يمنعوه؟

الرد    :    عَرَّفَ العلماء الفقه بأنه :

العلم بالأحكام الشرعية العملية علماً مستمداً من الأدلة التفصيلية أى من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة والإجماع بشروطه المقررة فى علم أصول الفقه والقياس المستوفى لشروط الصحة.

واشترط فى الفقيه، إلى جانب المعرفة العلمية المتميزة بعلوم الفقه والشريعة، معرفة متميزة بالواقع الذى يعيش فيه، ويفتى الناس أو يقضى بينهم أو يعلمهم، فى ظل ظروفه وأوضاعه.

وفقه الفقهاء هو عمل بشرى يقوم به المتخصصون فى علوم الشرع لبيان أحكام الشريعة فى كل ما يهم المسلمين أن يعرفوا حكم الشريعة فيه. ولا يعد كلام الفقهاء "شريعة" ولا يحتج به على أنه (دين). بل يحتج به على انه فهم للنصوص الشرعية. وإنزال لها على الواقع. وهو سبيل إلى فهم أفضل لهذه النصوص وكيفية إعمالها، ولكنه ليس معصوماً ويقع فيه الخطأ كما يقع فيه الصواب، والمجتهد المؤهل من الفقهاء مأجور أجرين حين يصيب، ومأجور أجراً واحداً حين يخطئ. وإمامنا الشافعى نفسه يقول : "رأيى صواب يحتملُ الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب".

كما انه ليس كل ما ورد فى مباحث كتب الفقه والحديث يعد شأناً دينياً، بل الكثير مما ورد فى هذه المباحث، لا سيما ما ورد فى أبواب الطب والغذاء والكساء ونحوها، لا يعد شأناً دينياً.

وفى الشئون غير الدينية لنا أسوة حسنة فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى مسالة تأبير النخل عندما أمر المسلمين بعدم تأبير النخل، ففعلوا ما أمرهم به، فإذا بالنخل لا ينتج من التمر ما كان متوقعاً، فجاء حديث رسول الله (صلى لله عليه وسلم) الصحيح "أنتم أعلم بشئون دنياكم". ليوضح لنا الفرق بين أمره للمسلمين فى شئون الدين والعقيدة وأمره لهم فى شئون الدنيا.

لذلك فمعرفة الناس بما يصلح شئون دنياهم يتبعها أن يحكم الفقيه بصحتها ما لم تخالف نصاً صريحاً.

وأمور الطب الواردة فى كتب الفقه والحديث كلها أمور دنيوية يطلب رأى الفقيه فيها بعد أن يعرف رأى العلم والطب، فالعالم والطبيب هنا يصف الواقع ورأى الفقيه ينزل على هذا الواقع الحكم الشرعى. فرأى الفقيه هنا ينبنى على رأى الطبيب وليس العكس.
فإذا طبقنا القواعد السابقة على قضية ختان الإناث فإنه يتعين على من يتصدى لهذا الأمر لإرشاد وتعليمهم فى قضية حساسة تمس حياة بناتنا ومستقبلهن أن تتوافر فيه شروط الفقيه، وليس شروط الداعية أو الواعظ أو المفسر أو المحدث، وذلك بأن تتوافر فيه معرفته العلمية المتميزة بالعلوم الإسلامية المتنوعة. ولا سيما الفقه وأصوله.

بالإضافة إلى معرفته الدقيقة عن هذه العادة من حيث أصلها التاريخى. وأسبابها الاجتماعية والثقافية، والحقائق العملية حول هذه الأعضاء التى تستأصل بالختان من حيث طبيعتها ووظائفها الحيوية وأثرها فى فقدان الاستمتاع المشروع. ديناً. للمرأة والرجل إذا استؤصلت أو فى تحققه إذا بقيت كما خلقها الله عز وجل.

وبذلك يتمكن الفقيه من تقديم رأى فقهى مبنى على معرفة بالحقائق العلمية وليس على الثقافة الشعبية المنتشرة حول هذه العادة.

والرأى العلمى فى ختان الإناث واضح لا لبس فيه: أنه قطع جزئى أو كلى للأعضاء التناسلية الخارجية فى جسد المرأة، وبالتالى حرمان للمرأة من الوظائف الطبيعية والمتعة الجسدية المشروعة التى خلقت من أجلها هذه الأعضاء. وهو ممارسة اجتماعية هدفها السيطرة على المرأة والانتقاص من حقوقها.

فيكف لفقيه اليوم بعد أن يطلع على كل هذه المعارف العلمية والاجتماعية الحديثة حول هذه العادة القديمة أن يسوغها ويدافع عن استمرارها؟؟!

yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 323/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
108 تصويتات / 2084 مشاهدة
نشرت فى 1 فبراير 2009 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر