حصلت «المصرى اليوم» على دراسة أجرتها لجنة المتابعة المنبثقة من الهيئات النوبية فى الإسكندرية كانت قد تمت طباعتها وتوزيعها على أعضاء مجلس الشعب وتلخص المشكلة النوبية فى مائة عام وتضع الحلول لها وننشر أجزاء منها.
تقول الدراسة:
فى مطلع القرن العشرين كانت بلاد النوبة تتكون من ٣٩ قرية على امتداد ٣٥٠ كيلومتراً جنوب أسوان حتى خط عرض ٢٢ (وادى حلفا) على ضفتى النيل شرقاً وغرباً.
وتتكون القرى النوبية من مجموعات متباعدة من المساكن تفتح أبوابها على نهر النيل، وامتدت تلك المساكن فى نجوع بلغ مجموعها ٥٣٥ نجعاً.
وتميزت مساكن النوبة عن غيرها من المساكن بالمناطق الأخرى فى عدة وجوه أهمها ارتباطها باختيار أماكن البناء على مستويات الأرض ذات الطبيعة الصخرية، إذ تتدرج الأراضى فى الانخفاض من الشرق والغرب نحو النيل، فكان من الطبيعى أن تجد غرف البيت الواحد على اتساع المساحة المقامة عليها تتفاوت فى ارتفاعاتها، ليسمح بوجود تيارات هوائية، ويبلغ ارتفاع الجدار حتى أربعة أمتار، ونظراً لطبيعة المناخ الجافة الحارة فإن العمارة النوبية تواءمت مع البيئة، وتميز هذا التشييد بوحدة أساسية هى الحوش السماوى الذى تفتح عليه حجرات البيت.
إنشاء خزان أسوان (١٩٠٢م):
عند انتهاء بناء خزان أسوان عام ١٩٠٢ ارتفع منسوب المياه خلف الخزان إلى ١٠٦ أمتار، ليغرق مساكن وأراضى زراعية وسواقى ومزروعات ونخيل وأشجار عشر قرى نوبية هى: دابود ودهميت وأمبركاب وكلابشة وأبوهور ومرواو وقرشة وكشتمنة شرق وغرب وجرف حسين والدكة، واجهت تلك القرى العشر آثار بناء الخزان وحدها دون أن تنال اهتماماً رسمياً أو إعلامياً فى ذلك الوقت.
التعلية الأولى للخزان (١٩١٢م):
بعد بناء الخزان، فإذا بكارثة التعلية الأولى للخزان تتسبب بطوفان جديد عام ١٩١٢، ليرتفع منسوب مياه الخزان إلى ١١٤ متراً، ويتسبب فى إغراق ثمانى قرى نوبية أخرى هى: قورتة والعلاقى والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادى العرب وشاترومة.
التعلية الثانية عام ١٩٣٢م:
النوبيون فاجأتهم التعلية الثانية للخزان عام ١٩٣٢ فأغرقت مياهها هى الأخرى عشر قرى نوبية هى: المالكى وكروسكو والريقة وأبوحنضل والديوان والدر وتوماس وعافية وقتة وأبريم وجزيرة أبريم، بينما أضيرت بقية القرى النوبية الإحدى عشرة الأخرى، وهى عنيبة ومصمص والجنينة والشباك وتوشكى شرق وغرب.
حينئذ ارتفع صوت النوبيين بالشكاوى. وبعد أكثر من ثمانية عشر عاماً من بناء الخزان، أصدرت الدولة القانون رقم ٦ لسنة ١٩٣٣ الخاص بنزع ملكية أهالى النوبة وتقدير التعويضات اللازمة إلا أن القانون حفل ببنود مجحفة فى حق النوبيين، منها ما تم رصده فى مذكرة النادى العربى العقيلى عن تعويضات منكوبى خزان أسوان والتى أرسلت إلى مجلس الشيوخ ١٢ فبراير ١٩٤٤ ميلادية (وقبل أن نبين لحضراتكم الأساس الذى قام عليه تقدير التعويضات، لابد من ذكر القانون رقم ٦ لسنة ١٩٣٣ الذى لجأت إلى إصداره حكومة ذلك العهد متخطية الإجراءات العادية التى ينظمها قانون نزع الملكية العام، وقد أبان عنها معالى شفيق باشا وزير أشغال ذلك العهد عند عرض ذلك القانون على مجلس الشيوخ بجلسة ٢٩ فبراير سنة ١٩٣٣ إذ قال: «أنفقت مصر الملايين على إنشاء خزان أسوان وتعليته وكل حضراتكم متشوق إلى زيادة المياه وآمالنا الآن الطريقة لتخزينها فلو أننا انتظرنا خمس سنوات حتى تتم إجراءات نزع الملكية بالطريق العادى لحرمنا إذن مصر من المياه حرمانا مادياً بدون مبرر.
فاتباعنا القانون العادى فى إجراءات نزع الملكية هو حرمان مصر من المياه طول هذا الزمن.. وإذا مكننا القانون المذكور من وضع اليد فى الحال على الأطيان فإنه لا يمكن لا للقضاء ولا للخبراء ولا أصحاب الشأن من معرفة معالم الأرض بعد غمرها فى نوفمبر المقبل».
فرد عليه شيخ أغضبه تبرير الوزير لهذا القانون قائلاً «أين كنت مدة الثلاث السنوات الماضية حينما تقررت التعلية؟ لم لم يعمل هذا من قبل وهل تنطبق السماء على الأرض لو أجلنا إملاء الخزان للمنسوب الجديد سنة أخرى وقد مضت علينا ثلاثون سنة على هذه الحال؟».
والقانون المذكور قضى بنزع ملكية المناطق المنكوبة «النوبية» بأجمعها ولم يترك للنوبيين فرصة للمعارضة فى تقدير التعويضات إلى فرضتها الحكومة تعسفاً إلا مدة ١٥ يوماً وهى مدة قصيرة لم يتمكن إلا الكثيرون خلالها من الاطلاع على مقدار تعويضاتهم هذا فضلاً عن جهل أغلبية الأهالى بطرق المعارضة فى التقدير، حتى إن الكثيرين منهم لم يعلموا بذلك الطريق القانونى للمعارضة إلا بعد فوات ميعادها.
النوبى محمد مراد سنة ١٩٤٧ذكر أن «المغفور له الأستاذ عبدالصادق عبدالحميد ألقى بياناً فى مجلس النواب أثناء نظر ميزانية وزارة الأشغال سنة ١٩٣٦ دلل فيه على أن التعويض مع كثير من التساهل والتجاوز كان يجب أن يقدر بمبلغ ٣٦٠٠٠٠٠ ثلاثة ملايين وستمائة ألف جنيه، على حين أن الحكومة قدرتها بمليون وسبعمائة ألف، ثم خصمت منها حوالى نصف مليون».
وحين قرر وزير الأشغال عام ١٩٤٤ توزيع ٤٠٦ أفدنة على بعض المنكوبين النوبيين فى ناحية القرنة البعيرات اعترض الموظفون وكتبوا مذكرة قائلين فيها (إن هذه الأطيان أجود من أطيان بلاد النوبة، وأن التعويض يجب أن يكون مماثلاً).
هذه المظالم تم تجاهلها من قبل أصوات كانت تنادى آنذاك بالاستقلال والحرية والمساواة لمصر، مما زاد من المرارة والشعور بالهوان لدى النوبيين. مع التجاهل التام من قبل.
وإزاء تلك المحنة، انتقل النوبيون إلى سفوح الجبال ليبنوا مساكن لهم على طول نهر النيل، فاستنزفت تلك المساكن الجديدة أكثر مما أخذوه من تعويضات سخيفة مقابل أراضيهم ومساكنهم الأصلية التى غرقت، وفى عهد حكومة مصطفى النحاس عام ١٩٣٦، كان أول مطلب للنوبيين حمله نائب النوبة فى البرلمان، عبدالصادق عبدالمجيد بعد الانتخابات، هو إعادة النظر فى التعويضات التى صرفت للأهالى ومنح أبناء النوبة أراضى صالحة للزراعة شمال أسوان وجنوب قنا بدلا من الأراضى التى أغرقها مياه الخزان، والجدير بالذكر أن مصطفى النحاس قال عند إلقائه خطاب العرش فى تلك الدورة البرلمانية (وستعمل حكومتى على إقامة مشروعات للرى فى بلاد النوبة تعويضا عما فقدوه وتقديم جميع الخدمات لأهلها).
ونتيجة لشعور النوبيين بتشعب مشكلتهم وأهمية منطقتهم وحيويتها لأمن وادى النيل الاستراتيجى، خاصة لمصر وضرورة استقرارها، تقدم النائبان النوبيان فى البرلمان عام ١٩٤٧، سليمان عجيب وشاهين حمزة باقتراح مشروع ربط سكة حديد مصر والسودان بتكلفة ٤ ملايين جنيه، ولم تأخذ الحكومة هذا الاقتراح بمحمل الجد، وهكذا تم فصل السودان عن مصر.
ظلم البيروقراطية عام ١٩٦٠:
ومرة رابعة، بدأت بشائر طوفان جديد، ففى بداية عام ١٩٥٣ بدأت الدولة تجرى دراسات حول مشروع السد العالى من كل جوانبه الهندسية والاجتماعية والاقتصادية، وفى إطار تلك الدراسات أجرت وزارة الشؤون الاجتماعية مسوحات سكانية واجتماعية للنوبيين عام ١٩٦٠ يتضح منها الآتى:
إجمالى تعداد النوبيين ٩٨٦٠٩ نسمة (ثمانية وتسعون ألفاً وستمائة وتسعة) المقيمون منهم ٤٨٠٢٨ نسمة (ثمانية وأربعون ألفاً وثمانية وعشرون) والمغتربون سعياً وراء توفير لقمة العيش ٥٠٥٨١ نسمة (خمسون ألفاً وخمسمائة وواحد وثمانون) أما عدد الأسر المقيمة بالنوبة فبلغ ١٦٨٦١ نسمة (ستة عشر ألفاً وثمانمائة وواحداً وستين) والأسر المغتربة ٨٤٦٧ نسمة (ثمانية آلاف وأربعمائة وسبعة وستين) (مرجع ٤ ص ٢١).
ثم تشكلت بعد ذلك لجان لمواجهة الآثار الجانبية لمشروع السد العالى، ودراسة مستقبل المنطقة بقراها التسع والثلاثين وسكانها المائة ألف وما يملكون من أراض زراعية ومساكن ومواشى.
صدمة التهجير ٦٣/١٩٦٤:
واصلت الدولة تنفيذ مشروع السد العالى، وبدأت الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة، أما النوبيون كبشر ومواطنين وهم الذين تعايشوا مع هذه الآثار، فجاء حظهم العاثر فى ذيل اهتمامات الدولة والمجتمع الدولى، فتم ترحيلهم على عجل إلى هضبة كوم أمبو وإسنا، إلى منطقة لا نهر فيها ولا إرث ولا تراث. بقى معهم ما حمل وجدانهم من عشق لوطن فقدوه تحت مياه السد العالى، تم ترحيل النوبيين دونما أى دراسات تأخذ فى الاعتبار آدميتهم وتاريخهم ونضالهم وتضحياتهم فى سبيل الوطن.
هكذا تم ترحيلهم عشوائياً وفقا لجدول زمنى مختزل سريع، رغبة فى إخلاء بلاد النوبة قبل ١٥ مايو ١٩٦٤ موعد تحويل مجرى نهر النيل، فترك معظم النوبيين الكثير من متاعهم فى الوطن المهجور وحشروا فى صحراء كوم أمبو وإسنا فى مساكن خالفت المساكن التى ألفوها وخلافا للمسكن النموذجى الذى وعدوا به وشاهدوه قبل عملية التهجير، بالإضافة لعدم تواجد مياه صالحة للشرب ولا كهرباء، مع استحالة تربية مواشى وطيور وهى تمثل أهم عناصر الحياة والدخل بالنسبة للمواطن النوبى المزارع،
وبالتالى تعذر نقل هذه الحيوانات معهم إلى المهجر الجديد، فى حين إخوانهم النوبيون السودانيون وأبناء عمومتهم فعلا لا قولا أثناء هجرتهم إلى خشم القربة (مهجرهم الجديد) خصصت الحكومة السودانية لكل قطار مصاحب لأفواج المهاجرين طبيباً بيطرياً لرعاية حيواناتهم الزراعية.
تكررت مأساة أشد هولا مما حدث من ربع قرن مع بلاءات خزان أسوان، فلا المساكن الجديدة استكملت ولا الأراضى الزراعية استكمل استصلاحها ولم تسلم للنوبيين إلا بعد مرور من أربع لخمس سنوات.
ارتضى النوبيون بالهجرة إلى كوم أمبو وإسنا وفقا لشروط أبرموها مع الدولة تتلخص فى أرض زراعية بالنوبة مقابل أرض زراعية بالمهجر ومسكن فى النوبة مقابل مسكن بالمهجر، طبقاً لما شاهدوه وعاينوه قبل الهجرة فى أسوان كمسكن نموذجى. وبناء على تلك القاعدة القانونية قرأ النوبيون جميع القرارات والقوانين التى صاحبت عملية التهجير، وعلى الأخص قرار رئيس الجمهورية بمرسوم القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٦٢ فى شأن نزع ملكية الأراضى التى تغمرها مياه السد العالى، وكذلك القرار الوزارى الذى أصدرته الشؤون الاجتماعية برقم ١٠٦ بتاريخ ٢٤/٩/١٩٦٢ بشأن قواعد تعويض وتمليك إسكان أهالى النوبة، لكن التنفيذ جاء مخيبا لآمال النوبيين.
لم يتسلم النوبيون مسكناً وخمسة أفدنة وحيوان زراعى لبدء حياة جديدة وكريمة، أسوة بالمعدمين الذين لم يضحوا ولم يعانوا مثلما عانى النوبيون.
مشكلة الإسكان والسكان:
يتميز السكن فى الموطن النوبى الأصلى بالحفاظ على العادات والتقاليد الاجتماعية التى يعتز بها النوبيون ومن أهمها التكافل الاجتماعى، والعمارة النوبية التى لخص فلسفتها شيخ المعماريين المهندس حسن فتحى بأنها «نظام حياة وليست إيواء» فالبيوت تطل على النهر العظيم، وفناؤها مكشوف إلى السماء ومزودة بحظيرة مستقلة للمواشى والطيور، والمسكن مقام على مساحة ٣٥٠ – ٥٠٠ متر مربع من خامات البيئة.
أما فى المهجر فقد بنيت المساكن متلاصقة ضيقة وحشر فيها النوبيون، كما تخلل قراهم أسر غير نوبية، مما ألغى الخصوصية النوبية وأسلوب التكامل الاجتماعى والأمنى الذى توارثوه جيلا بعد جيل فى النوبة الأصلية، بالإضافة إلى عدم استكمال المرافق اللازمة وعدم معالجة التربة غير الصالحة التى بنيت عليها هذه المساكن، مما جعلها عرضة للانهيارات المتتالية، الأمر الذى تحمل معه النوبيون نفقات باهظة تزيد كثيراً عما تلقوه من تعويضات سابقة، لجعل تلك المساكن صالحة للسكن الآدمى.
ولملاحظة أن حجم السكان فى بلاد النوبة تدهور فى سنوات التعليات المتكررة لخزان أسوان إلى درجة انعدام الزيادة السكانية، بل نقصها فى سنوات المحنة. وعند إجراء حصر لعدد المساكن فى المنطقة عام ١٩٦٢ قبل التهجير بلغ عددها طبقاً لتقديرات الحكومة حوالى ٢٤ ألف مسكن، وقررت الحكومة حينذاك أن تبنى فى المرحلة الأولى ١٥٥٨٩ مسكناً بواقع ٦٥% من العدد المطلوب، وتم تأجيل بناء ٨٤١١ مسكناً فى مرحلة تالية أطلق عليه إسكان المغتربين.
وهكذا تسلم النوبيون مساكن تم تصميمها وتوزيعها بطريقة خيبت آمال الكثيرين، وصارت مصدراً للتوتر والمتاعب الكثيرة التى جسدت قضية من أهم القضايا التى واجهت النوبيين فى منطقة التهجير.
وبعد مرور أربعين عاما من التهجير لم تف الدولة بما وعدت به من استكمال المرحلة الثانية من مساكن المغتربين إلا بنسبة ٢٥% رغم ازدياد عدد الأسرة النوبية طبقا للجدول السابق، والذين لهم الحق فى المأوى والسكن الملائم تعويضا عما فقدوه طبقا لمواثيق حقوق الإنسان، وهل كتب على النوبيين أن ينتظروا أربعين عاما أخرى لاستكمال تلك المرحلة الباكية المضحكة من خطة الإسكان؟ وهل ستكتفى الدولة ببناء ٨٤١١ مسكناً طبقا لخطة ١٩٦٠ أم ستراعى نمو عدد أفراد الأسرة المقيمة بالمنطقة، التى بلغ عددها ضعف الأسرة النوبية أثناء الهجرة على أقل تقدير؟ وما ذنب النوبيين إذا تقاعست الدولة عن أداء واجباتها نحو رعاية مواطنيها؟ ولمَ لم يتم بناء تلك المساكن فى توقيتها المحدد؟
ومن المعروف أن النوبيين لديهم مفاهيم اجتماعية وتعاونية، أسسوا فيما بينهم الجمعية التعاونية للبناء والإسكان لأبناء النوبة بالقاهرة الكبرى وأسوان، بهدف التغلب على المشكلة الإسكانية عامة وللقيام بجهد إيجابى، خاص فى حل مشكلة إسكان المغتربين النوبيين بالمهجر، لاسيما بعد أن تقاعست الدولة عن حل هذه المشكلة لمدة أربعين عاماً الماضية، وتفاقمت ولم يعد فى مقدور النوبيين الانتظار لمدة أربعين عاماً أخرى، تقدمت الجمعية بمذكرة للعرض على وزير الإسكان بتاريخ ٢٥/٧/١٩٩٢ برغبتها فى تعمير منطقة النوبة بأسلوب تعاونى.
وافق الوزير على بنود المذكرة التى تقدمت بها جمعية الإسكان النوبية بنفس التاريخ وهى: (ا) بناء مساكن على الطراز النوبى وبالخامات المحلية ولن تتعدى تكلفتها ١٢ ألف جنيه (المسكن فى المهجر يكلف الدولة ٤٥ ألف جنيه ويتعرض سنويا لعمليات ترميم بتكلفة ٥ آلاف جنيه فى المتوسط!!). (ب) تخصص خمسة أفدنة مستصلحة لكل مسكن. (ج) توفير قرض تعاونى ٤ آلاف جنيه لكل مسكن تقسط على ٢٧ سنة ويسدد العضو مقدماً مبلغ ألف جنيه لجدية التعاقد، ثم تقدمت الجمعية بمذكرة أخرى للعرض على الوزير بهدف تحديد مناطق الاستيطان النوبى حول البحيرة، ووافق الوزير بتاريخ ٢/٨/١٩٩٣ على مناطق الاستيطان الآتية:
(١) منطقة التكامل (أدندان وقسطل) شرق البحيرة.
(٢) منطقة أبوسمبل (قرية السلام - بلانة) غرب البحيرة.
(٣) منطقة توماس وعافية وعمدا، غرب البحيرة.
(٤) منطقة كلابشة وجرف حسين، غرب البحيرة.
(٥) منطقة وادى العلاقى والسيالة، شرق البحيرة.
وبناء على هذه الموافقة، تم تشكيل لجنة فنية من هيئة تنمية بحيرة السد العالى مع مجلس إدارة الجمعية ومهندسيها بزيارة تلك المناطق على الطبيعة وتحديدها على خرائط مساحية فى يناير ١٩٩٤، والعجيب أن هذه الزيارة تم الاتفاق الكامل مع هيئة تنمية البحيرة على جميع الخطوات التنفيذية للبدء فى تنفيذ المشروع بعد أن تسدد الجمعية رسوماً قدرها ١٠٠ ألف جنيه لمجلس مدينة أبوسمبل، فاستبشر النوبيون خيراً وتحمسوا وقدمت الجمعية شيكاً بالمبلغ المطلوب فى حينه إلا إن جميع الأجهزة الحكومية تراجعت عن وعودها واتفاقياتها مع الجمعية ومستمرة فى تجاهل الجمعية حتى الآن!
ولذلك فإننا نطالب الدولة بأن تبنى ضعف ما سبق تقريره فى تلك المرحلة، وذلك ببناء ١٦٨٢٢ مسكناً للمغتربين والأسر النوبية الجديدة التى تكونت أثناء تلك الفترة، ولا شطط فى تنفيذ هذا المطلب فقد أعيد بناء قرى بأكملها (١٢ ألف مسكن) فى صعيد مصر خلال شهور قلائل للذين أضيروا من السيول فى درنكة بمحافظة أسيوط، والمنطق يحتم بناء ١٧ ألف مسكن لمن أضيروا ببناء خزان أسوان والسد العالى أسوة بهم، وعلى نفس درجة المواطنة فى دولة واحدة،
ويجب أن تكون هذه المساكن طبقاً للنموذج الذى سبق وأن اتفق عليه عام ١٩٦٠ بلا تعديل أو تغيير فى المواصفات، وليست مسكن رأسية (شقق)، كما يروج لها التنفيذيون حالياً، وإذا ما تعلل البعض بعدم وجود مساحات تكفى لبناء هذا الكم من المساكن، فنقول لهم إن مساكن النوبيين تبنى الأراضى المستصلحة بالنوبة الأصلية (قسطل وأدندان وأبوسمبل المعبد ومشروع توشكى) وأن تكون المساكن مصحوبة بعدد من الأفدنة المستصلحة تعويضاً عن تأخير تسليم الأراضى ومورداً للمعيشة وتعميرا للمنطقة.
وفى النهاية أجملت الدراسة المطالب النوبية وهى:
١-تنفيذ حق العودة للنوبيين إلى موطنهم الأصلى، حسبما نصت عليها فى بيانات حقوق الإنسان الخاصة بالشعوب القديمة، والتى تم التصديق عليها دستورياً.
٢- إعادة فتح الملف الخاص بالتعويضات النوبية المجحفة.
٣- نظراً لعظم الظلم الذى وقع على النوبيين فإنه يجب أن تتم معاملة النوبيين معاملة الأولى بالرعاية سواء فى المخصصات المالية أو العينية طبقا لقول الزعيم الراحل.
٤- الاهتمام بالثقافة النوبية والتراث النوبى فى وسائل الإعلام المختلفة سواء المرئية منها أو المسموعة أو المقروءة.
ساحة النقاش