يمثل ضعف المحتوى العربي على شبكة الانترنت ووجود فجوة رقمية بين مجتمعاتنا العربية والمجتمعات الغربية، أحد التحديات الكبيرة أمام إثراء وتزويد المحتوى العربي على شبكة الانترنت.
فحتى الآن ما يزال استخدام المواطن العربي لشبكة الإنترنت ضيقاً جداً ويكاد ينحصر في سلوكيات معينة لا تخرج عن نطاق تصفح البريد وإعادة تمرير الرسائل، تصفح المنتديات، مواقع الأفلام والأغاني والمواقع الدينية، وكل تلك السلوكيات تتميز بشكل أساسي بالسلبية في التلقي وغياب الوعي الإنتاجي؛ فهناك حقيقة أن مجمل محتوى المواقع العربية لا يمثل سوى 1% من إجمالي المحتوى على شبكة الانترنت، وذلك مقابل 68% باللغة الانجليزية من إجمالي 400 مليار صفحة على الشبكة* في حين أن عدد السكان العرب يمثل نحو 5 في المائة من إجمالي سكان العالم، مما لا يتناسب إطلاقاً مع المحتوى المطلوب توافره على الشبكة الدولية.
ويرجع ذلك في مجمله إلى عدة أسباب أبرزها – كما ذكرنا مسبقاً- سوء استخدام تقنيات التواصل الحديثة المتمثلة في شبكة الانترنت بالنسبة للمستخدمين العرب.
ويتلخص هذا الشكل من الاستخدام السيئ في النقاط التالية:
- المجتمع العربي يتميز بخصوصيات في مجال استخدام تقنيات الاتصال، فمن ناحية المواطن العربي ينغمس بقوة وبكثرة في التواصل الإنساني والعلاقات العائلية والاجتماعية، وبالتالي فإنه يستخدم إمكانيات التقنية الحديثة للتواصل الشخصي أكثر منه لضرورات العمل والإنتاج.*
- المجتمع العربي مجتمع شفوي يفضل الحديث المنطوق أكثر من اللغة المكتوبة ويعتمد على التخاطب المباشر أكثر من البيانات والمعلومات.*
- كون المجتمع العربي مجتمع شباب حيث أن 60 % منه هم شباب بين سن 18 ـ 25 سنة، وبرغم أن كثيراً من هؤلاء لا يعملون، وقد لا يملكون منازل أو احتياجات الحياة الضرورية، لكنهم يطمحون إلى امتلاك واستخدام هاتف محمول والانغماس في عالم الإنترنت.*
- ارتفاع نسبة الأمية (الجهل بالقراءة والكتابة) لدى أبناء الوطن العربي، فضلاً عن أمية استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة كالكمبيوتر وشبكة الانترنت.
- تركز الاستثمارات الكبيرة من قطاع الأعمال في البث الفضائي والنشر الورقي، وعدم التركيز بنفس القدر على النشر الإلكتروني.
- معظم مواقع الإنترنت ذات الشعبية العالية نتاج جهود فردية باستثناء بعض الخدمات المالية والحكومية.
بعد كل هذا فقد حان الوقت لتتغير سلوكيات مستخدم الإنترنت العربي، ليصبح أكثر إنتاجية وأكثر انتقائية في استهلاكه؛ وفيما يلي بعض الاقتراحات التي يمكن أن تساعدنا معاً على تحفيز المستخدمين على تغيير سلوكياتهم نحو شبكة الانترنت إلى الشكل الإيجابي في التعامل:
- التشجيع على استخدام البرمجيات الحرة، حيث ستكون من أكثر الحوافز فعالية لحمل المستخدم العربي على استعمال الانترنت بفعالية أكبر، لأنها تقوم على فلسفة تحض على التعلم والإبداع وتحدي العقبات والبحث عن الحلول فضلا عن كثير من القيم الأخلاقية التي تسود في أوساط البرمجيات الحرة من قبيل بدل المعرفة والعمل على نشرها دون انتظار مقابل في الغالب، والدعوة إلى الابتعاد عن القرصنة والنهي عن انتهاك الحقوق المملوكة للغير.
- احترام حقوق التأليف، والفكر والنشر: حيث سيؤدي ذلك إلى تغيير طريقة التعامل مع الانترنت وجعلها فضاء للاستزادة من المعارف واكتشاف الجديد بديلاً عن البحث عن الحيل المؤدية إلى الاعتداء على حقوق الغير حتى أصبح من الممكن القول بأن الانترنت باللغة العربية إنما هي في غالبها ساحة للسرقة النهب والاعتداء فالتسابق على قرصنة البرامج وكسر حمايتها والتباهي باختراق المواقع والرغبة في الحصول على كل شيء بالمجان.
ساحة النقاش