هذا السؤال طرحه وحاول الإجابة عليه فهمي هويدي في صحيفة الشروق مؤكدا أننا حين نستخف بالمسألة ونقف متفرجين على ذلك الحوار بغير أى حراك، نرتكب جريمة لن تغفرها لنا الأجيال القادمة. فثمة حالة من البلادة مهيمنة على مجمل التفكير المستقبلى فى مصر تثير الدهشة وتبعث على الحيرة.. وقضية مصير الدلتا تمثل بندا واحدا فى قائمة قضايا المصير المهدد التى يبدو أنها لا تحتل ما تستحقه من اهتمام وجدية، فالمشكلة السكانية التى تتردد كل حين على ألسنة كبار المسئولين، معروفة ومشهورة فى كل الدراسات السكانية والاقتصادية منذ أكثر من أربعين عاما، ووصول عدد سكان مصر إلى 80 مليون نسمة بداية الألفية الجديدة ليس فيه أى مفاجأة. وارتفاع هذا الرقم إلى أكثر من 90 مليونا فى سنة 2020، لا يحتاج إلى عراف أو قارئ كف، لأن هذا تقدير ثابت فى سجلات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. ورغم أن الأمر بهذا الوضوح فإن المسئولين فى الحكومة يتعاملون معه باعتباره مفاجأة لم تكن فى الحسبان. «ولا يكتفون بذلك، وإنما هم لا يكفون عن تقريع الشعب المصرى واتهامه بعدم المسئولية وقصر النظر، مع أن هذا الاتهام ذاته ينبغى أن يوجه أولا إلى الذين احيطوا علما بالمشكلة منذ عقدين أو أكثر، ومع ذلك لم يتحسبوا لها ولم يحاولوا التعامل بجدية مع تداعياتها.
تلك النبوءة
الحديث عن احتمالات غرق دلتا النيل هو الذى قلب هذه المواجع، ذلك أننا فوجئنا ذات صباح بعنوان رئيسى : إن احتمال غرق الدلتا، يهدد بكارثة كاملة، وكانت تلك النبوءة ضمن عدة خلاصات انتهى إليها تقرير اللجنة الحكومية للتغير المناخى، التى يرأسها نائب الرئيس الأمريكى الأسبق آل جور، وأبرزتها صحيفة «الجارديان» البريطانية، التى أكدت أن دلتا مصر بين أكثر ثلاث مناطق فى العالم معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه البحار نتيجة ذوبان الجليد من القطبين جراء ارتفاع حرارة كوكب الأرض، توقع الخبراء أن تفقد مصر 20٪ من مساحة الدلتا خلال المائة عام المقبلة، فى حال ارتفع مستوى مياه البحر المتوسط لمتر واحد فقط، أما السيناريو الأكثر تشاؤما فيضع فى الاعتبار احتمال زيادة مستوى البحر لحده الأقصى المتوقع، مما يعنى غرق الدلتا بالكامل ــ لا قدر الله ــ ووصول البحر المتوسط إلى الضواحى الشمالية لمدينة القاهرة.
المصدر :
الكاتب : فهمى هويدى
موقع المصريون عن جريدة الشروق المصرية
ساحة النقاش