التساؤل  :  هل يعد ختان الإناث انتهاكاً لحقوق الطفلة المصرية؟

الرد  :  

   مما لاشك فيه أن جميع المعنيين بشئون الطفولة والأمومة فى مصر حرصا منهم على صحة أطفالنا البدنية والنفسية، قد تناولوا قضية ختان الإناث من المنظور الصحى والطبى.

لكننا نجد أيضاً أن ممارسة ختان الإناث – إلى جانب ما تسببه من أضرار صحية – تعتبر انتهاكاً لحقوق الطفلة المصرية، تلك الحقوق التى أكدت كافة المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق الطفل بصفة خاصة على ضرورة صونها واحترامها.

فقد اهتمت الجهود والخبرات السابقة بمناقشة قضية ختان الإناث سواء على المستوى القومى أو الدولى كموضوع يتعلق بصحة المرأة والممارسات الضارة بها، إلا أنه لم يحظ بقدر كبير من الاهتمام بمناقشته من منظور حقوق الطفل.

ويمثل ختان الإناث انتهاكاً للعديد من نصوص اتفاقية حقوق الطفل الدولية، والتى صدرت بمقتضى قرار الأمم المتحدة رقم 25 ، 44 المؤرخ فى 20 نوفمبر 1989، إذ تقرر مادتها الرابعة والعشرين فى فقرتها الثالثة "بأن تقوم الدول باتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على الممارسات التقليدية التى من شأنها الأضرار بصحة الطفل".

كما تحظر المادة التاسعة عشرة منها إيذاء الأطفال، وتكفل المادة السادسة عشرة حق الطفل فى الخصوصية.

كما تحظر المادة السابعة والثلاثين، تعرض الأطفال للتعذيب أو المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. ومن المبادئ الأساسية التى تقوم عليها الاتفاقية وجوب أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو لعقلية.
أما على المستوى القومى، فقد قطعت مصر شوطاً كبيراً فى مجال حقوق الطفل خلال العقد الماضى. فعقدا الطفل المصرى، سواء العقد الأول (1989 – 1999) أو العقد الثانى   (2000 – 2010) قد وضعا الطفل فى بؤرة اهتمام خطط التنمية الاجتماعية فى مصر، كما دعيا إلى اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمواجهة جميع مشاكل الطفل وخاصة الفتيات.

وغنى عن الذكر أن أى شكل من أشكال الإساءة أو العنف أو الضرر الذى يصيب الإنسان فى طفولته قد يسبب أضراراً ذات أثر مستديم فى تكوين الإنسان أو فى نمو قدراته. وتقوم فكرة عقدى الطفولة على الالتزام السياسى والمجتمعى تجاه الأطفال بهدف دعم حقوقهم والدفاع عنها، الأمر الذى يستلزم تغييراً فى البنية الهيكلية الاجتماعية بما يشمل الجوانب الثقافية والقانونية والسياسية، بل وتغييراً فى الموروثات الاجتماعية السائدة والتى طالما انطوت على ظلم للفتاة فى كثير من النواحى التى لا يجب السكوت عنها.

وإلى جانب الاتفاقية الدولية لحقوق الطلفل وكذلك عقدى الطفولة. نجد أن المشروع المصرى قد أولى حماية حقوق الطفل المصرى الأهمية القصوى، وهو ما يظهر جلياُ فى قيامه بإصدار قانون خاص به وهو قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 حتى يتسنى له تنظيم كل ما يتعلق بحماية حقوق الطفل المصرى على سبيل التفصيل والإلزام.
لذلك نص القانون صراحة فى مادته الخامسة والسبعين على وجوب أن تكفل الدولة حماية الطفل من أى عمل من شأنه الإضرار بصحته أو بنموه البدنى أو العقلى أو الروحى أو الاجتماعى.

بناءاً على ما سبق فإن ختان الإناث يشكل انتهاكاً حقيقياً لحقوق الطفلة المصرية وذلك على النحو التالى:

  •     الحق فى الحياة: فالختان قد يؤدى بحياة طفلة صغيرة، وذلك من أجل تنفيذ التقاليد والأعراف وإرضاء المجتمع.
  •     الحق فى حياة صحية وجسد سليم بدون مرض أو تشوهات: لاشك فى أن فقدان الفتاة لأعضاء ذات وظائف هامة يؤثر على صحتها الجسمانية، كما يؤدى إلى كثير من المضاعفات الصحية مثل النزيف والصدمة العصبية وتلوث الجرح ونقل العدوى بأمراض خطيرة مثل الالتهاب الكبدى الفيروسى والإيدز، وتشويه الأعضاء التناسلية الخارجية...
  •     الحق فى حياة نفسية سليمة: فقبل الختان تعانى الفتاة من صراع نفسى عنيف بين الرغبة فى إرضاء الوالدين والأقارب وبين الخوف الشديد من الألم المتوقع الذى يثيره ما سمعته من قصص عن معاناة الأخريات. وبعد إجراء الختان تعانى أكثر الفتيات من الاضطرابات النفسية والذهنية المباشرة مثل التوتر والأرق والكوابيس المزعجة. ويظل تأثير هذه التجربة بما تمثله من إهانة وانتهاك محفوراً فى ذاكرتها طوال حياتها.
  •     حق الطفل فى التعبير عن رأيه: حيث تؤكد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل فى المادة 12 على مراعاة حق الطفل فى التعبير عن رأيه بحرية فى الأمور والقرارات التى قد تؤثر على حياته. إن أغلب الفتيات يرفضن الختان وذلك بالرغم من التهيئة الاجتماعية والضغوط النفسية التى تمارس على الفتاة لقبول إجراء الختان برضا وقناعة مثل: رشوتها بالهدايا والطعام الجيد. واقناعها بأن الختان سوف يجعلها أنثى كاملة مستعدة للزواج، وتخويفها من عقوبات عدم الختان كمعايرة الصديقات والأقرباء، وإنها لن تجد شاباً مستعداً لزواجها وأنها سوف تكون نجسة وغير طاهرة فلن يقترب منها أحد.
  •     الحق فى المعرفة: إن الغالبية العظمى من الفتيات يجبرن إلى إجراء هذه الممارسة دون معرفة أو أدارك لما قد يصيبهن من أضرار بدنية ونفسية من جراء القيام بها. وايضا دون معرفة للحقائق العلمية المرتبطة بطبيعة هذه الأعضاء ووظائفها فى جسد الفتاة والمرأة الناضجة.
  •     الحق فى الحماية: فالطفلة التى تتعرض للختان تفقد الشعور بالحماية والأمان والثقة فى اقرب الأشخاص وهما الأب والأم، حيث أنها تعتبرهما السبب فيما تشعر به من ألم وما يلحق بها من أضرار.
  •     الحق فى الكرامة الإنسانية: ختان البنات يرسخ صورة سلبية لرؤية الفتاة لذاتها، حيث تصلها رسالة غير مباشرة بأن العنف الجسدى أو النفسى هو أحد أساليب التربية لضمان سلوكها الحسن مدى حياتها، وإنها هى كل الحالات متهمة باحتمال انحرافها الأخلاقى.
yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 446/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
149 تصويتات / 4044 مشاهدة
نشرت فى 17 فبراير 2009 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر