التساؤل : هل يجرم القانون المصرى ختان الإناث برغم شيوعه عند أغلب المصريين؟
الرد :
يذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يوجد حكم شرعى قطعى الثبوت أو الدلالة فى ختان الإناث، فالأحاديث الشريفة التى ذكرت الختان أو الخفاض (وهو اللفظ الوارد فيها) إنما هى أحاديث ضعيفة لا يعتد بها جمهور العلماء حيث لا يتوافر فيها التواتر الذى يجعلها من قبيل السنة المؤكدة عن البنى(صلى الله عليه وسلم) ولهذا يعتبر ختان الإناث مساساً بجسم الإنسان وسلامته وهو ما حرمه الله تعالى فى كتابه الكريم بقوله "ولا تقتلوا أنفسكم" (سورة النساء – الآية 29) "ولا تلقوا بأيديكم فى التهلكة" (سورة البقرة – الآية 195).
ويجرم القانون كذلك ختان الإناث، ولكن تجدر الإشارة هنا إلى أن القانون المصرى لا يجرم فعل الختان بنص صريح يضع نموذجاً قانونياً مستقلاً للفعل المجرم وهو القيام بعملية الختان وإنما يجرم قانون العقوبات ختان الإناث بوصفه فعلاً لا تتوافر فيه أركان جريمة أخرى أو أكثر. فختان الإناث تتوافر فيه أركان أكثر من جريمة فى وقت واحد، وهو ما يجوز وفقاً لنظرية التعدد المعنوى للجرائم والتى يأخذ بها القانون المصرى. فالختان تتوافر فيه أركان جريمة هتك العرض وكذلك أركان جريمة الجرح بصورها المختلفة.
وإن كان القانون المصرى قد أباح المساس بجسم الإنسان فى بعض الحالات وهى الحالات التى يتوافر فيها سبب من أسباب الإباحة الواردة قانوناً. و لما كان من أسباب الإباحة "مباشرة الأعمال الطبية" والتى تبيح للطبيب إحداث جرح بجسم المريض،وبالتالى المساس بسلامته الجسدية إلا أن لذلك شروطاً معينة يجب توافرها أهمها ضرورة أن يكون التدخل الطبى من أجل العلاج من مرض أو داء والشفاء منه، وهو ما ينتفى فى ختان الإناث لأنه بإجماع الأطباء لا يتصف بهذا الوصف، فختان الإناث ممارسة يتم التدخل فيها من قبل الأطباء لاستئصال أعضاء سليمة من جسد الفتاة وإحداث جرح لها، وفى الوقت ذاته فإن ختان الإناث ممارسة لا تدرس فى المناهج الطبية المعترف بها دولياً ولا يتم تدريب الأطباء عليها، وذلك على عكس كافة حالات التدخلات الجراحية الأخرى المسموح بها. ونخلص إلى ان ختان الإناث يحظرة القانون ولو وجد اتفاق اجتماعى على ممارسة هذه العادة السيئة.
التساؤل : هل يوجد نص عقابى فى القانون المصرى يمكن تطبيقه على سلوك ختان الإناث؟
الرد : بالنظر إلى ختان الإناث نجد أن هذا الفعل تتوافر فيه الأركان القانونية لجريمتين:
أولاً: جريمة الجرح العمدى بصورها المختلفة:
وفقا لقانون العقوبات المصرى (المواد 236 ، 240 ، 241 ، 242)، كل من جرح أو ضرب أحداً أو أعطاه مواداً ضارة ولم يكن قاصداً من ذلك قتلاً يعاقب عن جريمة جرح أو ضرب أو أعطاء مواد ضارة وتتحدد الجريمة بالنظر إلى النتيجة الإجرامية المتحققة عن فعله.
- فإذا ترتب عن فعله هذا (وهو هنا القيام بالختان) أن توفى المجنى عليه (الفتاة) تقوم مسئوليته عن جريمة جرح أفضى إلى الموت، وهى جناية تتراوح عقوبتها ما بين الأشغال الشاقة (السجن المشدد) و السجن من ثلاثة إلى سبع سنوات.
- وإذا ترتب عن فعله هذا أن تم قطع أو فصل العضو أو فقد العضو منفعته، بحيث نشأت عن ذلك عاهة مستديمة يستحيل برؤها، تقوم مسئوليته عن جريمة جرح أفضى إلى عاهة مستديمة، وهى جناية تتراوح عقوبتها ما بين السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات.
- وإذا ترتب عن فعله هذا مرض أو عجز عن الأعمال الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً، تقوم مسئوليته عن جريمة جرح فى صورته المشددة، وهى جنحة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين والحبس هنا وجوبى لأنه لا يتصور أن يتم الختان بغير استعمال أدوات أو آلات حادة وتلك هى العلة فى كون الحبس وجوباً.
- وأخيراً، إذا ترتب عن الفعل مرض أو عجز عن الأعمال الشخصية مدة عشرين يوماً أو أقل، تقوم مسئولية الجانى عن جريمة الجرح فى صورته البسيطة، وهى جنحة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة. (يقوم كل من الفرضين الأخيرين فى حالة ما إذا لم يستطع ممارس الختان أو يبتر الأعضاء التناسلية للفتاة كلياً أو جزئياً لأى سبب من الأسباب بأن شرع فى الختان ولكنه لم ينجح فيه)
- وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وفقاً لنص القانون ذاته إذا ارتكب الجانى (الطبيب أو الداية أو أى شخص آخر) هذه الجريمة مع سبق الإصرار بأن كانت لديه النية المسبقة للقيام بالختان، تشدد العقوبة فى كل صورة من الصور السابقة للجريمة".
ثانياً" جريمة هتك العرض:
نصت المادة (269) من قانون العقوبات على جريمة هتك العرض حيث تقرر معاقبة من هتك عرض صبى أو صبية لم يبلغ ثمانى عشرة سنة كاملة بغير قوة أو تهديد بالحبس وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنوات كاملة يعاقب بالسجن المشدد حتى خمس عشرة سنة.
وهتك العرض هو المساس بمكان عفة المجنى عليه (وهى هنا الفتاة التى تخضع للختان) وإذا كان سن المجنى عليه أقل من ثمانى عشرة سنة يعاقب على ذلك الفعل حتى إذا تم برضائه، لأن صغر السن يعد سبباً لعدم أهليته فى إصدار الرضا.
وسلوك الختان يقع دائماً على سن أقل من ثمانى عشرة سنة لذلك تنطبق عليه عقوبة هتك العرض.. ولا عبرة برضاء المجنى عليه ولا عبرة بالباعث الدافع إلى ارتكاب الجريمة أى السبب الذى من أجله ارتكبها ولو ظن أن قيامه بالختان فيه مصلحة الفتاة المجنى عليها.
وجدير بالذكر أنه من الجائز قانوناً أن يسأل والدى الفتاة أو من يتولى أمرها لقيام مسئوليته الجنائية عن قيامه بختان الفتاة التى تحت ولايته وذلك باعتباره شريكاً بالاتفاق أو المساعدة فى الجرائم التى وقعت للفتاة وهى الجرح فى أحدى صور وهتك العرض.
ساحة النقاش