تعد الأخلاق بشكل عام نوعاً من الأنماط السلوكية النسبية التى تختلف من مجتمع إلى آخر. لذا يمكن القول أنه لا توجد أحكام أخلاقية ثابتة وما هى إلا مشاعر ومواقف شخصية تقف وراء الأحكام التى تصدر فى زمن ما.
وقد حاول الإنسان منذ نشأة الحضارات أن يضع قوانين تحدد الممارسات الطبية ففى شريعة حمورابى فى بابل 2100 ق.م. كان المعالج يعد مسئولاً عن مريضه، وكانت الأجور يراعى فيها الحالة الاقتصادية للمريض. بحيث يدفع الفقير أقل قيمة مما يدفعه الغنى. ورغم زوال هذه القواعد بزوال الحضارات التى تمثلها، فقد استمرت بعض هذه القواعد حتى عصرنا الراهن بعد المرحلة الذهبية للعصر اليونانى الذى وضع فيها أبو قراط قسمه الشهير (وهو قسم وضع لتحديد سلوك الطبيب وأخلاقياته).
ثم ظهرت أطر أخلاقيات جديدة وضعها الأطباء بأنفسهم، ولكنها ظلت مثالية ومحافظة على الإطار الدينى، وكانت لا تهتم كثيراً بعلاقة الطبيب بالمريض بقدر اهتمامها بالمحافظة على قواعد السلوك التى يتطلبها منهم المجتمع.. ومع ظهور تطورات العلمانية تبدلت الصورة العامة للإنسان وبدأ تدخل الدولة الحديثة شيئاً فشيئاً فى مجالات الخدمة الصحية، وأصبح الطبيب مسئولاً أمامها، كما برزت أفكار حقوق الإنسان وحق المريض فى العلاج الذى تقدمه الدولة.
وعلى الرغم من الاختلافات بين الناس وتباين ثقافاتهم إلا أنهم جميعاً متفقون على قيم وأخلاقيات معينة أهمها كرامة الإنسان والتى تمثل قيمة لا تقبل المساومة. وتعتبر القيم الدينية والعقائدية والثقافية هى المصادر الرئيسية للمبادئ الأخلاقية، والدارس للأديان السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام يجد أنها تدعو إلى مبادئ أخلاقية متماثلة:
وأن هذه المبادئ هى المنبع الرئيسى لأخلاقيات المهن الصحية فى بقاع كثيرة من العالم، ومن المبادئ التى تتوافق الآراء عليها بوجه عام وان اختلفت فى بعض تفاصيلها من ثقافة إلى أخرى المبادئ التالية:
- إن حياة الإنسان وكرامته يجب أن تحظى بالاحترام، وله الحق فى أن تصان أسراره.
- أن حق الإنسان فى الاختيار سواء بالقبول أو الرفض يدخل ضمن احترام كرامة الإنسان.
- أن جلب المنفعة ودرء الضرر مبدآن متكاملان يفرضان على الطبيب بذل كل ما بوسعه لتحقيق كل ما هو فى مصلحة المريض وإبعاد الضرر عنه.
- أن العدل يقتضى المساواة بين الناس فى المعاملة والمساواة فى تحمل المسئوليات وحتى المنافع والتعويض عن الأضرار.
- أن تكامل الإنسان (Integrity) هام لضمان نوعية جيدة للحياة.
- أن واجب الأطباء هو حماية الضعفاء (Vulnerable) وغير القادرين على اتخاذ القرار.
الأخلاقيات فى الطب نجدها فى صيغ القسم الطبى المتداولة، وفى الدساتير والمواثيق المهنية والبحوث الطبية، ولا تحول الحدود الجغرافية دون تطبيق أخلاقيات الطب فى أى مكان.
ساحة النقاش