يتأثر تقدير حجم البطالة في مصر بعدة مشاكل أهمها قلة البيانات وعدم دقتها بشكل يقود إلى تصور إجراءات التصحيح والعلاج.
ويمكننا تتبع تطور حجم مشكلة البطالة في مصر من خلال بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء حول تقدير حجم البطالة حيث نجد أنه في عام 1960 كان معدل البطالة 2.5 % من إجمالي حجم القوى العاملة، وفي تعداد 1976 يقفز الرقم إلى 7.7 % ثم إلى 14.7 % من تعداد 1986، ولكنه وصل في 1996 8.8 %.
على أنه من المهم هنا أن تشير إلى أن تلك الأرقام تتعلق فقط بالبطالة السافرة فهي لا تشمل البطالة المقنعة الإنتاجية كما لا تشمل البطالة الموسمية أي هؤلاء الذي يعملون في موسم معين ثم يتعطلون باقي العام كما لا تشمل أولئك الذين يعملون في حِرَف وقطاعات هامشية لا استقرار فيها تتسم بضعف الدخل للدرجة التي لا توفر الحياة اللائقة.
أما بالنسبة لرقم ومعدل البطالة الحقيقية في الوقت الراهن فهناك اختلاف فيها، فبيانات الحكومة متمثلة في الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تشير إلى أن عدد العاطلين في مصر قد بلغ نحو 1.78 مليون عاطل في بداية عام 2002 بما يعني أن معدل البطالة قد بلغ نحو 9.1 %، وبالمقابل تشير بيانات البنك المركزي المصري في نشرته الإحصائية والشهرية الصادرة في أبريل 2002، إلى أن عدد العاطلين في مصر ثابت عند 1.5 مليون عاطل من العام المالي 69/97 وحتى العام المالي 2000/2001 حيث بلغ 7.6 % من إجمالي قوة العمل البالغ نحو 19.5 مليون نسمة.
وهذه البيانات بدورها تختلف عن البيانات التي أوردها صندوق النقد الدولي في تقريره لعام 2001، ولكنها جاءت معتمدة على بيانات عام 1995، وهو العام الذي تتوقف عنده بيانات صندوق النقد الدولي لعدم وجود بيانات يمكن للصندوق أن يأخذ بها للأعوام التالية لعام 1995.
كما يمكن الوصول إلى تقدير رقم أخر لحجم البطالة يختلف عن الأرقام السابقة، ويستمد من بيانات حكومية موثقة وذلك من خلال البيانات التي أعلنتها اللجنة العليا للتشغيل برئاسة رئيس الوزراء عند تطبيقها لنظام للتعامل المتقدمين لشغل عدد 170 ألف وظيفة حكومية تم الإعلان عنها عام 2001 فقد بلغ عدد عن يسحب استمارة تشغيل نحو 7 مليون شخص أما من قام بتقديم طلب فعلي لشغل الوظيفة فقد بلغ نحو 4.40 مليون.
وقد أشارت اللجنة الوزارية العليا للتشغيل إلى أن 53.5 % من بين 4.4 مليون تقدموا لشغل الوظائف الحكومية لا تنطبق عليهم الشروط وهذا يعني أن 46.5 % منهم أي نحو 2.05 مليون تنطبق عليهم الشروط وأولها أن يكون عاطلاً عن العمل.
يضاف إلى ذلك أنه لو تأملنا من اعتبرت الحكومة أن الشروط لا تنطبق عليهم سنجد أنهم لا زالوا داخل دائرة من يعتبر عاطل، ولكنهم خرجوا من دائرة المنافسة على 170 ألف فرصة عمل بسبب شروط أخرى للتشغيل، حيث أن 10 % من عدد المتقدمين أي نحو 440 ألف لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم بلا مؤهلات كما أنها اعتبرت أن 6.5 % من المتقدمين أي نحو 286 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم من خريجي ما قبل 1984.
كما أنها اعتبرت أن 10% من المتقدمين أي 440 ألفاً لا تنطبق عليهم الشروط لأنهم يعملون في أعمال غير دائمة وغير مؤمن عليهم. كما أعلنت اللجنة أن شروط التشغيل لا تنطبق على نحو 15 % من المتقدمين أي نحو 660 ألفاً باعتبارهم من النساء، ممن هن من خريجات النظام التعليمي اللاتي تزوجن ويعشن حياة مستقرة وكأن زواج المرأة واستقرارها يخرجها من قوة العمل، رغم أنهن في سن العمل ويرغبن في العمل وقادرات عليه.
وبناء على البيانات السابقة فإن عدد العاطلين وفقاً لهذا المصدر الحكومي يصبح 3.436 مليون عاطل (أي أكثر من ضعف الرقم الرسمي المعلن للبطالة) وهو عبارة عن 2.05 اعتبرت الحكومة أنهم تنطبق عليهم شروط التشغيل الحكومي ونحو 660 ألف امرأة مؤهلة وقادرة وطلبت العمل وهي في سن النشاط الاقتصادي، ونحو 440 ألف عاطل من غير المؤهلين ونحو 286 ألفاً من العاطلين من خريجي النظام التعليمي قبل عام 1984 أو بعد عام 200.
وبذلك تتضح حقيقة حجم مشكلة البطالة حيث يتوقع أن حجم البطالة الحقيقي لا يقل بأي حال من الأحوال عن 17 % : 20 % من حجم قوة العمل.
ومن سمات مشكلة البطالة في مصر:
- أن الشطر الأعظم من كتلة البطالة يتمثل في بطالة الشباب الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة .
- أن البطالة في مصر هي بطالة متعلمة؛ فالغالبية العظمى من العاطلين من خريجي الجامعات ومدارس ثانوية.
- ارتفاع نسبة البطالة بين النساء .
- اتجاه معدلات البطالة للارتفاع في الحضر .
- تتركز البطالة في الداخلين الجدد إلى سوق العمل من غير ذوي الخبرة؛ إذ لا يمثل المتعطلون الذين سبق لهم العمل سوى نحو 4.5% تقريباً من جملة المتعطلين.
- تتركز البطالة في القاهرة الكبرى والإسكندرية ومدن القناة.
- تقل معدلات البطالة بشكل ملحوظ بالنسبة للعمالة الفنية الماهرة و المدربة.
- تقل معدلات البطالة بشكل ملحوظ أيضا للمؤهلات العليا المتخصصة و المدربة.
- و تقل معدلات البطالة بشكل ملحوظ أيضا للمؤهلات العليا ذات الخبرة أو الممارسة.
"المصدر" مقال : كارثة اسمها البطالة.
ساحة النقاش