مقدمة:
تعانى شريحة عريضة من المجتمع من مرض السكر( Diabetes Mellitus ) حيث زادت أعداد اللذين يعانون من هذا المرض في الآونة الأخيرة في الوقت الذي لم تكن الأجيال السابقة تعاني منه مثل الجيل الحاضر، وذلك لعدة أسباب أهمها زيادة استهلاك المواد السكرية والنشوية مع التقدم التكنولوجي الذي أدي إلى عدم الحركة النشطة مثل الجري والمشي بالإضافة إلى ضغوط الحياة اليومية مثل القلق والتوتر والانفعالات، وتعزى خطورة مرض السكر إلى مضاعفاته العديدة التي يمكن أن تصيب كل الأعضاء وأنسجة الجسم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لذلك يطلق على مرض السكر مرض المضاعفات باعتبار أن خطورته تكمن في حدوث المضاعفات.
إن مساهمة التربية البدنية والرياضة في علاج الأمراض يعتبر مدخلاً جديداً من حيث مساهمتها في تحسين الحالة الصحية للمريض ومحاولة العودة به إلى الحياة الطبيعية أو الاقتراب منها بالإضافة إلى ما يتبع ذلك من زيادة في معدل الإنتاج وتحسين الأداء في العمل تعويضا للخسارة الاقتصادية الناجمة عن إضاعة الوقت بعيداً عن العمل بسبب المرض. إن الممارسة الفعلية للرياضة لها قيمتها وتأثيراتها الإيجابية على صحة الفرد في ضوء ما أثبتته البحوث العلمية، إلا أن الممارسة الفعلية للرياضة مازالت لا تتكافأ مع الحقائق العلمية التي أكدتها هذه الأبحاث عن أهمية ممارسة الرياضة للجميع.ومن الحقائق العلمية التي أكدتها البحوث العلمية:
- انخفاض اللياقة البدنية لدى مرضى السكر بالمقارنة بأقرانهم الأصحاء من نفس العمر.
- انخفاض استهلاك الجلوكوز نتيجة للراحة وقلة النشاط، حيث أن ممارسة التربية البدنية والرياضة تعتبر عاملا مساعداً لحرق نسبة كبيرة من الجلوكوز وأن مدة الممارسة تتناسب طرديا مع استهلاكه.
أسباب مرض السكر:
تحدث الإصابة بالسكر نتيجة اضطراب في وظائف الغدد ومصحوبة باختلال في التمثيل الغذائي للجلوكوز والمواد الأخرى المانحة للطاقة في الجسم مما يؤدي إلى زيادة نسبة السكر في الدم وظهوره في البول.
كما يحدث نتيجة تدمير الخلايا المسئولة عن إفراز الأنسولين بالبنكرياس وما يترتب على ذلك من نقص نسبة الأنسولين في الجسم أو انعدامها.
أنواع مرض السكر:
هناك نوعان رئيسيان لمرض السكر:
- النوع الأول: السكر المعتمد على الأنسولين ويمثل 10 % من المرضى تقريبا، ويحدث نتيجة تدمير الخلايا المسئولة عن إفراز الأنسولين بالبنكرياس، وما يترتب على ذلك من نقص نسبة الأنسولين في الجسم أو انعدامها، فمرضى هذا النوع يحتاجون إلى علاج تعويضي بالأنسولين.
- النوع الثاني: السكر غير المعتمد على الأنسولين، وهو النوع الأكثر شيوعا ويمثل 90 % تقريبا من حالات المرض حيث يحتفظ البنكرياس ببعض قدرته على إفراز الأنسولين، ولكن بنسبة قليلة لا تتوافق مع احتياجات الجسم، ومرضى هذا النوع لا يحتاجون في العادة إلى علاج تعويضي بالأنسولين بل يعتمدون على الأقراص المنشطة للبنكرياس للمساهمة في إفراز الأنسولين.
كيفية الاكتشاف المبكر لمرض السكر:
أعراض تنذر بمرض السكر:
لوحظ أن مرضى السكر قبل أن تظهر عليهم عوارض المرض، يشكون من كثرة الجوع وبالتالي كثرة الأكل ثم حدوث سمنة سريعة.
ومن أهم أعراض هذا المرض:
الإفراط في التبول وشرب الماء نتيجة للشعور المستمر بالظمأ، وتناول الأطعمة السكرية مع فقدان الوزن والغيبوبة في بعض الأحيان بالإضافة إلى التنميل بأعصاب الأطراف.
مضاعفات مرض السكر:
مضاعفات مرض السكر خطيرة، مثل: العمى وأمراض القلب والفشل الكلوي والغرغرينا المؤدية إلى بتر الرجل.
كيفية الوقاية والعلاج لمرض السكر:
ممارسة الرياضة والنظام الغذائي المناسب فهما حجر الزاوية في انضباط مرض السكر، وحسن السيطرة على مستوى السكر في الدم.
ولهذا فإن الأخصائيين في علاج السكر يميلون الآن إلى تحويل الكثير من مرضى السكر إلى خبراء الرياضة لوضع برامج التمرينات التي تناسبهم باعتبارها شريكا وعاملا رئيسيا في العلاج، وتعد ممارسة الرياضة أغلى روشته لأي إنسان وممتازة لمريض السكر.
والجدير بالذكر أن ممارسة الرياضة لم تدخل منافسا للأنسولين أو الدياميكرون لمجرد المنافسة، ولكن لأنه قد ثبت علميا أن العضلات النشطة بانقباضها أثناء الرياضة تستهلك الجلوكوز حتى في غياب الأنسولين، وتستمر هذه العملية لعدة ساعات أخرى بعد توقف الرياضة عن طريق الكالسيوم وليس الأنسولين حيث أن العضلات أثناء نشاطها تفرز الكالسيوم المختزن بداخلها، ولهذا يفضل أن تمارس الرياضة في الهواء الطلق حتى تكون لها الفاعلية المطلوبة Aerobic وهى تقوى العضلات الرئيسية وتنميتها لدرجة أنها ترفع كفاءة عمل القلب.
البرنامج الرياضي لمرضى السكر:
تتعدد برامج الأنشطة الحركية وتتباين باختلاف أهدافها كما يعتمد نجاح أي برنامج للتدريب البدني على الاستخدام الواعي لمبدأ التدرج في زيادة الحمل خلال الوحدات التدريبية المتتابعة منذ بداية البرنامج وحتى نهايته وأن يراعى فيه الخصائص الفردية، حيث أنه من الخطورة أن نحدد عبئا على شخص قبل أن نعرف حدود وقدرات هذا الشخص ومقدار ما يمكن أن يتحمل من عبء بدني.
اختبر صحتك، وذلك بقياس اللياقة البدنية للمشارك قبل وبعد البرنامج باختبار مشى 2 كم ومعرفة كل مشارك لزمنه ومدى التحسن في الزمن.
كما يتم عمل تحاليل للدم (صائم - وفاطر) قبل وبعد البرنامج، ومعرفة مدى التحسن الذي طرأ على العضو.
والبرنامج المقترح رياضي وترويحي، صحي وثقافي، يستهدف في المقام الأول حرق ثلاثمائة سعر حراري يوميا، وذلك عن طريق المشي بخطوة سريعة ومنتظمة لمدة 30 دقيقة يوميا على الأقل، مما يقلل من مستوى السكر في الدم بما له من تأثير مفيد على استهلاك الجلوكوز في الأنسجة الطرفية وأن زيادة حمل التدريب يتناسب طردياً مع استهلاكه ويشتمل البرنامج على جانبين:
* الجانب الأول:
بدني يحتوى على تمرينات بدنية شاملة مرتبطة بالغرض البنائي العام لإعداد الأجهزة الحيوية والعضلات والمفاصل وتهيئتها للعمل بطريقة منتظمة لتحمل أعباء الحمل الذي توجبه متطلبات العمل، وتمثلت هذه التمرينات في تمرينات بدون أدوات باستخدام الحركات الطبيعية التي تتناسب وطبيعة العمل كالمشي والجري والوثب والقفز والحجل، كما يشتمل البرنامج على تدريبات باستخدام كرة السلة وكرة القدم من تمرير وتصويب ومحاورة وتنطيط الكرة ومباريات رياضية دون التقيد بالقوانين وذلك لتنمية التحمل العضلي والدوري التنفسي والترويح واستثمار أوقات الفراغ.
* الجانب الثاني:
تثقيفي صحي ورياضي وذلك عن طريق ندوات عن أهمية الرياضة والصحة - كيفية الوقاية من مرض السكر ........ إلخ.
المؤشرات الطبية تؤكد أن الرياضة:
- تساعد على خفض نسبة السكر في الدم بنسبة 40 % بعد ممارسة البرنامج الرياضي: سجلت القياسات والتحاليل الطبية التي أجريت على (1200) مصاب بمرض السكر من كبار السن نتائج مذهلة في انخفاض معدل نسب السكر في الدم تتراوح ما بين 25 إلى 40 % من الممارسين للبرنامج الرياضي الذي نظمته وزارة الشباب بالمعسكر الدائم للشباب ببورسعيد في الفترة من 4 / 10 حتى 18 / 10 / 2001 وقد ثبت انخفاض السكر في الدم بعد إجراء التحاليل الطبية، ويرجع ذلك إلى زيادة كفاءة مستقبلات الأنسولين بالخلايا. وبناء على ذلك، فإن الرياضة تساعد على خفض جرعة العلاج بالأنسولين وربما الاستغناء عن العلاج بالأقراص.
- تسهم ممارسة الرياضة إلى زيادة ناقلات الجلوكوز فينتقل إلى داخل الخلية بكمية أكبر مما يؤدي إلى خفضه في الدم.
- تساعد ممارسة الرياضة على إنقاص الوزن، وهذا بدوره يساعد على شفاء مرضى السمنة الزائدة الذين أصيبوا بالسكر.
- نظرا لأن الرياضة تحافظ على صحة القلب والشرايين، فإنها تقلل بذلك فرصة الإصابة ببعض مضاعفات السكر لتصلب الشرايين، والذبحة الصدرية، وضعف الدورة الدموية بالأطراف.
- الرياضة تسعد الممارس والمشاهد وتساعد على زوال المتاعب النفسية التي تلازم بعض المرضى بسبب إصابتهم بالسكر لأنها تعطي إحساسا بالبهجة والمرح.
ويجب قبل الشروع في ممارسة أي رياضة استشارة الطبيب المعالج، وبصفة عامة ننصح بإتباع الإرشادات التالية قبل بدء ممارسة الرياضة:
- تخفيض جرعة الدواء سواء الأنسولين أو الحبوب.
- تناول بعض الأطعمة النشوية قبل بداية التمرين بحوالي ساعتين.
- الحرص على اقتناء بعض قطع السكر لاحتمال الحاجة إلى تناولها عند الإحساس بأعراض نقص السكر.
- قبل البدء احرص على أداء الإحماء وتهيئة أجهزة الجسم.
- ارتداء الملابس المناسبة والحذاء المريح حتى تسهل من حركتك.
- أن يكون النشاط الرياضي متدرجا من السهل إلى الصعب.
الخلاصة:
إن دورك في علاج السكر لا يقل أهمية عن دور الطبيب، وأنت مخطئ إذا اعتقدت أن دواء السكر وحدة يكفي للسيطرة على هذا المرض، فمرض السكر يتأثر بــ:
- معيشة الفرد إلى حد كبير من ناحية عاداته الغذائية.
- أنشطته الحركية اليومية.
- ما يتعرض له الفرد من متاعب خاصة والقلق والتوتر والضغوط النفسية، ولذلك أنت ترمومتر نفسك ونستطيع أن نؤكد أن للتغذية السليمة المناسبة دورا أساسيا في السيطرة على مرض السكر، وأن تنظيم الناحية الغذائية لمريض السكر لا يجب أن تقتصر على اختيار أنواع المأكولات بعناية، وإنما لابد كذلك من الاهتمام بتناول الطعام في مواعيد شبة ثابتة.
وقد وجد أن ممارسة الرياضة بانتظام تؤدي إلى زيادة حساسية الأنسولين.
ساحة النقاش