الحوار يزيل الخلافات:
حين يعمل المجتمع على معالجة خلافاته من خلال تكاتف أيادي العقلاء، ووضعهم هذه النزاعات والخلافات على مائدة الحوار، لابد وأن يعم في مثل هذا المجتمع السلام ويحل الوفاق والأمان بين الناس وينتشر بينهم الإخاء.
فإزالة الخلافات أمر ضروري للتعايش السلمي بين البشر بغض النظر عن المذاهب والأنساب والألوان، لأن الناس في النهاية يلتقون تحت مظلة الإخوة الإنسانية الكل يسعى إلى الخير، وهذه المزايا التي كرَّم الله بها الإنسان وهي فطرة سوية فُطِر عليها بنو البشر.
وهذه الفطرة تشمل كل ما من شأنه فعل خير يستحسنه الإنسان وترك كل فعل قبيح ومنكر يكرهه الإنسان.
وإذا عدنا إلى موضوع إزالة الخلافات التي تحدث في المجتمع وتصدع أركانه نقول إنه مهما
بلغت الخصومات وتعدد النزاعات ففي نهاية المطاف لا يكون مصير المجتمع إلا الدمار والهلاك. لأن في بعض النزاعات وجميع طرق الخلاف التي لا تهدف إلى تحقيق مصلحة رشيدة للمجتمع لا تكون عواقبها إلا وخيمة ومريرة قد ترتسم صورتها للأجيال القادمة يذكرها جيل عن جيل ولا تؤدي في نهاية المطاف إلا إلى التطاحن والتناحر، ويسود مبدأ القوي يأكل الضعيف، وتنشب الحروب التي تهلك الحرث والنسل، ويضيع حق المظلوم وتهدر دماء الأبرياء
وهكذا شأن الخلافات لذا نجد القران الكريم يحذر من طرق الشقاق والفراق بعد ما أمر المسلمين بالطاعة لله تعالى ورسوله الكريم عليه السلام، قال تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) .
هذا النداء من الله سبحانه وتعالى يحذر المسلمين المطيعين لأوامره على وجه الخصوص والبشرية على وجه العموم من الوقوع في الفتن ظاهرها وباطنها.
إن في حل الخلاف والسيطرة على النزاعات قبل أن تتفاقم المشكلات سواء أكانت صغيرة أم كبيرة سبيل إلى السلام الدائم والتعايش الآمن بين الناس، والذي يؤدي حتمًا إلى منافع كثيرة منها تسامح الناس مع بعضهم البعض، خصوصًا في الأشياء التافهة التي لا ترتقي بمستوى عقلاء البشر.
فيعيش الكل في أمان ووئام وتتوزع الثروة الطبيعية بمنهج العدالة بين فئات المجتمع الذي تسود بسببه عوامل الرخاء والتنمية للشعوب، وبها يتم التخطيط البناء للأمم وتقوم الفئة المصلحة بتنفيذ هذه الخطط بأمانة وإخلاص لتصل سائر الخدمات إلى الشعب ويتعايش الناس سلميًا.
المصدر:
- إبراهيم بن حبيب الكروان السعدي - بتصرف
المراجع:
- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، طبعة دار الفكر.
- محمد رشيد رضا "الوحي المحمدي"، مكتبة القاهرة، الطبعة السادسة 1960م، والعنوان الكامل لهذا الكتاب: (الوحي المحمدي.. ثبوت النبوة بالقرآن ودعوة شعوب المدنية إلى الإسلام دين الأخوة والإنسانية والسلام).
- د.حسان حتحوت "رسالة إلى العقل العربي المسلم"، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الأولى 1998م.
- محمد قطب "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"، دار الشروق، الطبعة الأولى 1998م.
ساحة النقاش