وكان الأطباء يقومون بعمليات الجراحة في الحالات الحرجة التي لا مفر منها، مثل: قطع الجزء المصاب، أو نزع السهام، و0أو خلع الضروس والأسنان.
ولكي يفقد المريض وعيه، كانوا يضربونه بالعصي علي رأسه، فلا يشعر بالآم الجراحة.. لكن هذه الطريقة كانت غير آمنة؛ لأنها قد تسبب نزيفا بالمخ. ثم لجأ الأطباء القدماء في ما بعد إلي وسيلة أخري، وهي أن يسقي المريض خمرا كثيرا،حتى نقل قدرته علي الشعور والإحساس، ولكن هذه الطريقة أيضا لم تكن مأمونة؛ فقد يصاب المريض بالهياج من كثرة السكر، فلا يمكن السيطرة عليه.
ولما جاء الإسلام بتعاليمه السمحة، حرم الخمر، والتداوي بها؛ حيث جاء أحد الصحابة يستأذن النبي"صلى الله عليه وسلم" في استعمالها كدواء أو مخدر، فرفض" صلى الله عليه وسلم " ذلك، وقال:"إنه ليس بدواء، ولكنه داء" (مسلم). وأخبر النبي" صلى الله عليه وسلم " بأن الله لم يجعل الشفاء في أشياء حرمها. ونبه" صلى الله عليه وسلم " المسلمين إلي بعض الفوائد الطبية للنباتات.
وكانت التوجيهات النبوية الشريفة هي البداية التي انطلق منها العلماء المسلمون يبحثون ويكتشفون، فتوصلوا علي أنواع كثيرة من الأدوية مكنتهم من علاج كثير من الأمراض.
وفي محاولتهم للقضاء علي الآلام التي تصاحب عمليات الجراحة اكتشفوا دواء يستخدم في تخدير المريض، فيزيل الوجع الذي يشعر به أثناء العملية الجراحية، وقد أطلق الأطباء المسلمون علي هذا الدواء اسم"المرقد" أي الدواء الذي يتناوله المريض، فيرقد وينام نوما عميقا. وهو عبارة عن قطعة من الإسفنج تنقع في محلول من الأعشاب المركبة، ثم تترك حتى تجف، ثم توضع بعد ذلك علي أنف المريض قبل العملية، فينام بعد أن تمتص الأغشية المخاطية هذا المحلول فلا يشعر بالألم. كما توصل الأطباء المسلمون إلي استخدام دواء منبه، عبارة عن قطعة من الإسفنج مشبعة بالخل، تنبه المريض، وتزيل عنه أثر التخدير.
وقد تقدم علم التخدير عند المسلمين، فنجحوا في تخدير الجسم كله(التخدير الكلي)، أو تخدير جزء منه(التخير الموضعي)، الذي كانوا يستخدمونه عند إجراء عملية في جزء من الجسم؛ فكان في مجهودات علماء المسلمين فائدة عظيمة للبشرية كلها.
ساحة النقاش