في الخامس والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام يحتفل باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، بهدف زيادة الوعي المجتمعي حول تلك المشكلة، وذلك طبقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 54/134 المؤرخ في 17 ديسمبر1999.
ويعود الاحتفال بهذا التاريخ إلى عام1981، حيث استُمد ذلك التأريخ من الإغتيال الوحشي الذي وقع في سنة 1961 للأخوات الثلاث ميرابال اللواتي كن من السياسيات النشيطات في جمهورية الدومينيكان، وذلك بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي روفاييل تروخيليو 1936-1961.
وظاهرة العنف عامة تهدد المنجزات التي حققها الإنسان خلال السنوات الماضية، والأسوأ من ذلك كله عندما يتعدى ويمتد هذا العنف إلى الفئات الضعيفة في المجتمع كالمرأة مثلا.
والعنف ضد المرأة بشكل خاص هو سلوك أو فعل موجّه إلى المرأة يقوم على القوة والشّدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ناجم عن علاقات القوة غير المتكافئة بين الرجل والمرأة في المجتمع؛ فهو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف بهدف استغلال وإخضاع طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية للطرف الأضعف.
أنواع وأنماط العنف ضد المرأة:
ويتنوع العنف ضد المرأة بين ما هو فردي، ويتجسد بالإيذاء المباشر وغير المباشر للمرأة باليد أو اللسان أو الفعل أياً كان، وبين ما هو جماعي، الذي تقوم به مجموعة بشرية بسبب عرقي أو طائفي أو ثقافي والذي يأخذ صفة التحقير أو الإقصاء أو التصفيات، وبين ما هو رسمي (عنف السلطة) والذي يتجسد بالعنف السياسي ضد المعارضة وعموم فئات المجتمع.
إذن فلا يختص العنف ضد النساء بفئة معينة أو ثقافة خاصة من دون أخرى أو جنس محدد، وإنما يشمل كافة الثقافات في كل أنحاء العالم.
والعنف ضد المرأة حسب هذا التعريف يشمل السب والشتم والضرب والقتل والاعتداء، الذي يأتي من طرف رجل أو مؤسسة أو نظام أو حتى من طرف امرأة أخرى من أجل إخضاع المرأة والتسلط عليها.
وهناك من يعتقد أن العنف هو لغة التخاطب الأخيرة الممكنة استعمالها مع الآخرين حين يحس المرء بالعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي، ولكنه يأتي مع المرأة اللغة الأولى للتخاطب معها، كما يستخدمه البعض وكأن الآخر لا يملك لغة أخرى لاستعمالها، ليجعل من هذا العنف كابوس يخيم على وجودها، ليشل حركتها وطاقاتها، ويجعلها أطلال من الكآبة والحزن والخضوع.
ويمكن تلخيص أنماط العنف ضد المرأة في ثلاث فئات رئيسية:
1- العنف الأُسري: وهو الناجم عن التوظيف السيئ للقوة تجاه الأضعف داخل كيان الأسرة، وهو أكثر أنماط العنف شيوعاً، وغالباً ما يكون ضحاياه من النساء والأطفال داخل الأسرة، وتشير بعض الإحصائيات في بلدان كثيرة من العالم إلى أنَّ 20- 50% من النساء يتعرضن للضرب من قبل الزوج.
2- العنف الاجتماعي: وهو الناجم عن النظرة القاصرة للمرأة كوجود ودور ووظيفة، حيث أن التعصب لبعض الأفكار والعادات والتقاليد التي تحط من قيمة المرأة أدّى لتعرض المرأة لأشكال من القهر والاضطهاد، وتارة تتعرض للعنف في مجال عملها من قبل الرئيس أو الزملاء في العمل كالإهانة والتحقير وتقليل الأجر أو مصادرته في بعض الأحيان، وتارة يتم طردها من العمل إن لم يتم استغلال أنوثتها.
3- العنف السياسي: وهو الناجم عن تلازم النظرة الدونية للمرأة كإنسانة مع حرمانها من مكانتها الوطنية ضمن الدولة الحديثة، ويتمثّل باعتبارها كائناً لا يستحق المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية لذا فإنَّ سلب حرية المرأة في التعبير عن رأيها السياسي وعدم السماح لها بالمشاركة في صنع القرار ومنعها من حق التصويت والتصدي لمناصب في الدولة يُعتبر من أهم مظاهر العنف السياسي.
ساحة النقاش