الغدتان جنب الدرقية تظهران متي راقبتهما بالمجهر كأنها حبال الخلايا تفصل بينها فراغات متسعة من الدم وهذه الخلايا من نوعين لمعظمها سيتوبلازم صافية(الحشوة: أي بروتوملازم الخلية أو مادتها الحية باستثناء النواة)، ونواة باهتة. والقليل منها لونه ضارب إلي الحمرة، ونواتها متوضحة.
الهرمون الذي تفرزه هاتان الغدتان اسمه"باراتورمون" ويعمل على إطلاق الكالسيوم من العظام، وذلك يحفز خلايا العظم. وزيادة ما يغادر الكليتين من الفوسفات.
في الجسم تتفاعل أيونات الكالسيوم وأيونات الفوسفات تفاعلاً عكسياً- ارتفاع نسبة هذا يسبب انخفاضاً في نسبة ذلك. والعظام تتألف في الأساس من نسيج ضام يدعم ويسند كتلة صلبة من البلور المعدني، وهو ينشأ بنوع خاص من فوسفات الكالسيوم.
متى زاد نشاط الغدتين جنب الدرقية تترك هذه البلورات مكانها في العظم. ويتدفق الكالسيوم والفوسفات في مجرى الدم ، غير أن الفوسفات يختلط بعضه بالبول لكي تبقى له نسبة منخفضة، فلا ترتفع عن معدلها.
وتفقد الكليتان الكالسيوم أيضاً، بيد أن الدم تبقى نسبته مرتفعه. ومتى انخفضت نسبة فوسفات الكالسيوم يلين العظم ويصبح قابلاً للكسر لأقل سبب، أو قابلاً للي والتقوس. وهذا ما يقع حين يلتهب العظم الليفي الكيسي. وأمراض العظم ليست النتيجة أو النهاية الوحيدة لفرط نشاط الغدتين جنب الدرقية، لأن الكالسيوم الطليق في الدم يترسب في عدد من الأنسجة المتنوعة، معطلاً بذلك عملها ووظيفتها. وهذا خطر على الكلية، فقد تصاب إصابة شديدة من إجراء الترسب. ولا يسلم البنكرياس دائما، فقد يلحق به التهاب شديد وألم ممض.
وإذا انخفض ما ينتج أو يفرز من الباراثورمون، فيكون لهذا النص آثار سيئة في كلسيوم الدم. وهذا يقع عادة عقب استئصال غدتي جنب الدرقية في جراحة ما. وأعراض هذا النقص الانقباض المتواصل اللاإرادي للعضلات. والسبب واضح، تتقبض من جرائه اليدان والقدمان وقسمات الوجه على نحو مؤلم معذب.
غير أن إبر الكلسيوم وحقنة تزيل هذه الوعكة المضنية. وفي الوسع أيضاً إعطاء مستخلص الغدة جنب الدرقية، فلها نفس التأثير والنتيجة التي لحقنة الكلسيوم. والتهاب العظم الليفي الكيسي عظيم الخطورة والخطر ، ويؤدى إلى التشوه المتزايد، يصيب العظام فيغير حالها، ويتعس حياة المصاب بالمرض، وحياة ذويه.
المصدر:
- كتاب الحياة وعجائبها / إميل خليل بيرس
ساحة النقاش