الدرقية غدة لحمية وردية ضاربة إلي اللون البني. مكانها في الرقبة، علي كلا جانبي الحنجرة، ولا يزيد وزنها عن أونصة واحدة.
فصان صغيران متصلان ببرزخ ضيق من الأمام. للنسيج الدرقي مورد دم غني من الشرايين المتعددة التي تدخل الغدة من أجزائها العالية والسافلة.
أربع غدد جنب درقية صغيرة لا يزيد حجم الواحدة منها علي حجم رأس عود الكبريت، لونها بني مشرب بالأصفر، تقع علي نحو طليق خلف الطرفين الأعلى والأسفل من الغدة الدرقية. ولكن الاثنتين السفليتين تكونان أحيانا في موقع أكثر انخفاضا، وفي داخل الصدر.
سطح الغدة الدرقية حبيبي ملتمع. فالغدة مؤلفة من جريبات كروية الشكل تحوي مادة هلامية. نسيج الجريبات الظهاري يفرز الهرمونات الدرقية. وهي تنمو وتندمج مع البروتين وتختزن من ثم كمادة هلامية.
ومتي تضاعف نشاط الغدة، تطلق الهرمونات فتتقوض الجريبات. ولا غني للغدة الدرقية عن عنصر اليود لكي تؤدي وظيفتها بصورة عادية طبيعية. وبالتالي يجب أن يتوفر هذا العنصر في الغذاء بكميات كافية.. وإلا، فالنقص منه يسفر عن تضخم الغدة الدرقية- وخصوصا في المناطق الجبلية البعيدة عن البحر- وهي تتضخم لما تبذله من محاولات التعويض.
والهرمون الدرقي الأول والأهم هو التيروكسين، كل جزيء من جزيئاته يحوي أربع ذرات من اليود. ولكن" التيرونين ثلاثي اليود" Tri-iodothyronin له ذرة واحدة أقل، وينتج بكميات ضئيلة. غير أنه قوي في مفعولة.
هذان الهرمونان يستحثان عملية الإيض واستيلاد الحرارة. وإذا كان أنتاجهما غزيرا والحث من جراء ذلك كثيرا ومتوصلا، فإن حالة من التسمم الدرقي تصيب الشخص المعني.
التسمم الدرقي من تكاثر الدرق- حالة تصيب النساء أكثر مما تصيب الرجال، وبنوع خاص النساء في سن الشباب. فيه يرتفع مستوي الإيض ارتفاع كبيرا، مما يجعل الجسم في حاجة مستمرة إلي المواد الكاربوهايدريتية، والدهنية، البروتينية. ويزداد الشخص المصاب إقبالا علي الأكل، وتتضاعف شهيته، إلا أن وزنه ينقص رغم ذلك باستمرار، ويقل النسيج تحت الجلد ويختفي.. وتذوب عضلاته.
والمصاب بالتسمم الدرقي ترتفع حرارة جسمه أيضا، ويتفصد العرق من أعضائه، وتتسارع دورته، ويتسارع أيضا نبضه. وقد تنتفخ الغدة بعض الشيء. وتغير ملامح الوجه، وتجحظ العينان بصورة بشعة.
ويعالج المصاب متي كان صغير السن باستئصال الجزء الأكبر من الغدة، أي الجزء الذي كان لنشاطه المفرط هذه النتائج وهذه التغيرات.
ولكبير السن يكون العلاج باليود.. فهو يعطي جرعة من اليود المشع، ليتركز في الغدة، ويقتل الخلايا التي تولد الهرمون وتفرزه.
وتستعمل كمية ضئيلة جدا من اليود المشع في تشخيص الأمراض الدرقية. فالغدة ذات النشاط المفرط تمتص أكثر مما يجب أن تمتص، والعكس بالعكس، بذلك يكون في الوسع قياس الكمية المتركزة في الغدة.
ونقص النشاط الدرقي لدي الكبير البالغ يسبب مرض المكسيديما(Myxedema) مرض يتميز بجفاف الجلد وفقدان النشاط العقلي والجسمي ينشأ عن قصور الغدة الدرقية. ولدي الصغار يسبب مرض الفدامة(حالة خلقية تنشأ عن فقدان الإفراز الدرقي أو اضطرابه. يتشوه الجسم بسببه، ويقل نموه، ولهذا سمي الفدامة أو القماءة).
والتيروكسين أي الدرقين، ليس فقط منعشا لعملية الإيض، إنما هو أيضا مادة ضرورية لنماء الجسم وتطور الدماغ لحسن الطبيعي.
وكل من شاء له طالعه العاثر إن يقاسى من مشاكل الدرق والنقص الدرقي، يصاب حتما بتوقف النمو، وبتخلف ذهني، ويكون جلده خشنا، ولسانه عريضا.
والفدامة قد يكون سببها النقص في اليود، أو عدم وجود الإنزيمات الطبيعية في الدرق والغدة.
والعلاج بالدرقين مفيد بوجه عام، غير أن الحالة الذهنية المتأخرة لا تتحسن، ويبقي التخلف تخلفا ما لم يطبق العلاج علي المريض، وهو في سن الطفولة.
والرجل متي كان مصابا بالمكسيديما يشعر ببرودة شديدة في جسمه. وبخمول وبطء جسدي ذهني، وينتفخ وجهه وأطرافه، بسبب الترسب المخاطي تحت الجلد. وقد يصاب بفقر الدم، لأن عمل الدرقين في
الأساس هو تكوين خلايا الدم الحمراء. ويصاب بـمراض القلب أيضا. من هذا تتضح أهمية المبادرة إلي العلاج قبل فوات الأوان.
وفي الغدة الدرقية ينشأ هرمون مختلف كل الاختلاف. أنه الكلسيتونين. وهو هرمون لا تفرزه الخلايا الجريبية، بل الخلايا الموجودة بين الجريبات، ويتوفر للجنين من مصدر مختلف.
عمل هذا الهرمون الأساسي هو خفض نسبة ما في الدم من مادة الكلسيوم، وهذا عكس ما يفعله هرمون الغدة الجنب درقية.
المصدر:
- كتاب الحياة وعجائبها / إميل خليل بيرس
ساحة النقاش