بعض الغدد، وعلي سبيل المثال تلك الموجود في الجلد والمعدة والأمعاء تفرز علي سطح الجسم أو في تجويف من تجاويفه. ولا تأثير لها إلا التأثير الموضعي، أي حيث تصب فيه وتفرز. هذه الغدد أسمها الغدد الخارجية الإفراز. من ناحية أخري تصنع الغدد الصماء مواد تصب رأسا ومباشرة في مجري الدم، فتنقل الدورة هذه المواد إلي جميع أجزاء الجسم، ويكون لها تأثير عظيم في أمكنة بعيدة عن موقعها الأصلي.
مثل هذه المواد التي تصنعها الغدد الصماء أسمها الهرمونات. ونعرف منها 30 صنفاً تصنعها ثماني غدد. ومعظمها من المواد العضوية البسيطة . وقد توصل العلماء بالفعل إلى تركيبها في المختبرات.
والمعلوم أن الهرمونات عظيمة الفعالية، مهما قلت كمياتها ومهما ضئولت . إنها المنظمة لعمليات الجسم وسيروراته – تتحكم بالنمو، وتتحكم بالنشاط الجنسي، والحمل، والولادة، والايض.
لم يعرف الكثير عن الهرمونات قبل خمسين سنة.. لم يعرف إلا النزر اليسير- لم يعرفوا إن استئصال الخصيتين يسبب تراكماً دهنياً، وضعفاً جنسياً للمخصي كما يتسبب البنكرياس المريض عن نوع مرض السكري، وكما يتسبب انكماش الغدة الكظرية عن ((داء أديسون)).تنظيم سيرورات الجسم يتوقف على تنظيم الإنتاج الهرموني.
بضع غدد صماء تتولى التحكم بذاتها وتنظيم ذاتها. ولكن الافرازات الهرمونية في معظم الحالات تخضع للغدة النخامية. وهذه الغدة تشبه حبة الفاصوليا، وتقع في تجويف صغير من الجمجمة. القسم الأمامي منها يفرز بضع مواد يحملها الدم إلى الغدد الأخرى المنتشرة في الجسم، استحثاثاً لها على تكوين الهرمونات . ثم تدور هذه الهرمونات مع الدم فتصل الغدة النخامية، ومتى تكون الكثير فإنها تكبت نشاط المادة الحاثة وذلك بالتوقف عن إفرازها.. من هذا يتضح إن في الجسم نوعاً من النظام ألاستردادي.
وتعتمد قشرة الكظر، والغدة الدرقية، والأعضاء التناسلية على الغدة النخامية. فإذا أصيبت هذه بعطب، تتكمش تلك الغدد وتعجز عن تأدية وظائفها.. وهي وظائف لا غنى للجسم عنها.
المصدر:
- كتاب الحياة وعجائبها / إميل خليل بيرس
ساحة النقاش