كيف نحافظ على الإتقان؟

الإتقان الذي هو ثمرة نجاحنا، وتمتعنا بالنجاح، والحصول عليه يشعرنا بنشوة، ويجعلنا سعداء بأوقاتنا، إن السؤال الذي يدور في أذهان الناجحين: كيف نستمر على الإتقان؟

والإجابة سهلة ويسيرة وليست صعبة على الناجحين الذي قطفوا ثمرة الإتقان، وهي تدور حول ثلاثة أمور، إن حافظ عليها الناجحون، انطلقوا في حياتهم متمتعين بالإتقان:

الأول : المحافظة على أسباب الإتقان
إنهم قد امتلكوا الإتقان، وكما يقولون ليس التفوق في إتقان الأمر، وإنما في المحافظة على الإتقان في كل الأمور، وهو يحتاج دائما إلى تجديد النية، وصقلها بالعزيمة والهمة، والتأكد من وضوح الهدف في كل حركة، وبذلك نمتلك الدافع الدائم، الذي يجعلنا محافظين على الإتقان مهما كانت العقبات أو الصعوبات.

الثانى : المعرفة والاطلاع
في كل يوم جديد على مستويات الحياة، فهل يعقل أن يمر الجديد دون أن يدرى به الناجحون، أو يتقنون معرفته؟، خاصة ونحن نعيش في عالم المعلومات وعصر المعرفة، ولن يفهم هذا المعنى إلا الشباب والكبار، الذين يواجهون الحياة، وربما يقابلون المحترفين في العلم والمعرفة في مواقف عملية، فهل ينهزمون أم يجعلون الازدياد المعرفي منهجهم، ويبحثون بكل الطرق في الانتقال من الهواية إلى الاحتراف، ثم يثبتون على ذلك ليكون الثبات نقطة انطلاق وحركة، لا نقطة راحة أو قعود أو اكتفاء.

الثالث : الرضا بالنتيجة
الرضا معناه هنا، المحاولات الدائمة للوصول إلى النتيجة وهي النجاح، وليس شيء غير النجاح، لذلك فمن أراد الثبات على الإتقان، فليثبت على العمل، والإصرار على النجاح، لا تقعده عقبة، ولا تؤخره كارثة، ولا يثنيه فشل، لأن كل ذلك هي محاولات نحو النجاح، ومالا يتم النجاح إلا به فهو نجاح، ويحتاج منه إلى رضا وقناعة وفرح وسرور، في أنه يسلك طريق النجاح.

هل يمكننا بالإتقان أن نكون محترفين؟

إن الاحتراف سواء كان في حديثنا أو كلامنا أو أعمالنا أو مهنتنا أو حركتنا أو مهامنا أو دورنا المشارك مع الآخرين، يحتاج إلى أسس لابد أن تتوفر لدينا، والوصول إليها بأنفسنا وليس بغيرنا، فكلها تعتمد أساساً على ما لدينا من قناعة وعلم وممارسة ودراسة وخبرة وتميز وابتكار وانتهاز الفرص وانفتاح على الآخرين، وهذا الإجمال يحتاج إلى تفصيل، وهو ليس بجديد في عالم الإتقان والاحتراف، فمهمتنا أن نصل معاً إلى معنى عميق يأخذنا إلى الاحتراف، ولذلك فنحن نتعاون معاً في التذكير والتوضيح والبيان.

فما أسس الاحتراف؟

1- انتماء:
بمعنى القناعة بما تعمل، والتبنى لما تعمل، حتى يصير ذلك عضواً من أعضائك، وجزءاً منك لا تستطيع الاستغناء عنه، فقد أوجدت الدراسات أن 38% من حالات الاكتئاب ناتجة عن عدم الانتماء لأى فكرة أو بلد، فالانتماء هو مرجعيتك في مواقف الحياة.

2- تخصص:
التخصص في شأن من الشئون لا يأتى من فراغ، إنه المزيد من البحث والدراسة والممارسة والتجديد من ناحية المتخصص وهذا وجه، والوجه الثانى الاستعانة بأهل الخبرة والاستفادة الدائمة من تجاربهم.

3- علم:
ليس المقصود بالعلم حشو الرأس والنفس بالمتون والعلوم، وإنما العلم بمعرفة قواعده ومعانيه ومقاصده من جهة , وكيفية تطبيقها على الواقع الذي نعيشه , وفي الحياة.

4- تميز:
أجريت دراسات في جامعة هارفارد كان مفادها : 7% فقط يعتمد على تميزه في مهنته , بينما 93% منهم يعتمد على المهارات الشخصية والقدرة على استغلالها، وهذا تميز الهواة، أما المحترفون فهم متميزون بأشخاصهم وأعمالهم , ومبادرون بأفكارهم المتميزة , ومشروعاتهم الفريدة في دنيا الحياة.

5- ثقة:
الثقة للمحترف قد يراها البعض غروراً، ولكنها عنده تواضعاً لما يعمله، وهي لا تنمي إلا بالإنشغال بالعمل، والممارسة الدائمة.

6- ابتكار:
المحترف ليس هاوياً يتعلم وسائل الابتكار وأساليب المبدعين، فهو قد تجاوز ذلك كله، فتفكيره يوجهه إلى التطوير وإيجاد الحلول القابلة للتطبيق، فالمرونة والواقعية والتأقلم أصبحت من طباعه وسجاياه في التعامل مع الحياة.

7- خبرة:
ملخصها المزج بين العلم والعمل، بين القول والممارسة، ومرادف خبرة هي تجربة، والتجارب الفاشلة هي التى تدوم في خبرة الإنسان، فالتجارب الناجحة سرعان ما تزول للنشوة الوقتية التى تحدثها، والخبرة للمحترفين تعنى العمل مما هو مسجل ومحفوظ بشكل جيد في عقل الإنسان، من كثرة الممارسة، يستطيع بها بها أن يقرأ الأحداث والأوضاع والمستقبل.

8- مهارة:
كثيراً ما نسمع في دورات هندسة النجاح , عبارة كيف تكتسب مهارات تربوية , أومهارات إدارية؟ مثل : ( مهارات الاتصال والتخلص من الضغوط أو مهارات كسب الآخرين ولغة الاتصال وفن التفاوض والتفكير الإيجابى )، مما يعنى أن المهارة تكتسب، ويتعلمها الإنسان، وهذا طريق الهواة في الاكتساب والتعلم، أما المحترفون فإنهم يحوزون على مهارة واحدة تجعلهم يحترفون أى مهارة مهما كان نوعها، ألا وهى ( الحماس ) فهو ما يحقق لهم النجاح الدائم، ويحرك حياتهم إلى الأمام، وهى القوة التى تشعل كل القدرات، وتدفعهم لتحقيق الأهداف، وهو عند المحترفين حماس متزن مرن واقعى ايجابى، لأنه أَكتسب بالممارسة والتطبيق والبحث والدراسة والملاحظة، وليس بالقراءة والتدريب فقط مثل الهواة.

9- انفتاح:
ويعنى به الانفتاح على النفس وعلى الآخرين، وإن كان الهواة يحاولون، ويجتهدون، فإنه لدى المحترفين حقيقة تتحرك في داخلهم، فهم يحترمون وجهات النظر، ويستفيدون بالخبرات، ويستغلون الفرص، فتراهم يشاركون، يتقبلون، يتبادلون، يتفهمون، يتعرفون، يتعلمون، ينتصحون، يتعاونون، يتضاحكون، يتمتعون.

هل يمكن أن أكون محترفاً؟

هل حاولت الإجابة بعد معرفتك بالأسس على هذا السؤال :
نعم... وفي سهولة ويسر، وبكل ثقة فليس الأمر حكراً على أحد دون أحد، إن ما يراه الواعى البصير في النتائج التى ينعم بها المحترفون، يعتقد اعتقاداً جازفاً وعميقاً، وبصدق , أن الاحتراف ممكن , رغم ما يحاصرنا من ضغوط وصعوبات، فتعال نتعرف على حياة المحترفين، وما يرغدون فيه من ثمار يانعة، وأوقات هانئة.

ودعنا نتساءل أولاً : ما نتائج الاحتراف؟

1- الرضا

  • تسمعهم يقولون : رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله علية وسلم نبياً ورسولاً]
  • وتراهم مستبشرين , يقول الحبيب صلى الله علية وسلم : من قال حين يمسي رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله علية وسلم نبياً كان حقاً على الله أن يرضيه ] رواه الترمذي.
  • وتدركهم آمنين بما أنعم الله عليهم، متذكرين قول الممصطفى صلى الله علية وسلم :  من أصبح منكم آمناً في سربه، معافي في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا ] رواه الترمذي.
  • وتشهدهم فرحين بالطاعة والتمكن منها لقوله تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته فبذالك فليفرحوا هو خير مما يجمعون } يونس / 58.
  • وتعايشهم مطمئنين، لقوله تعالى :{ والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير } غافر / 20.

2- الصواب
فالصواب حليفهم في كل خطوة، عملوا واجتهدوا وأتقنوا واحترفوا، فماذا يجدون غير الصواب، لا يتعثرون، ولا يحتارون، ولا يتخبطون، فهذه الكلمات ليست في قاموسهم، لأنهم هم الصواب، وذلك بينما بعض الناس يتساءل : أين الصواب؟، وآخرون يقولون : لماذا نصنع الصواب الناقص؟، ونسمع البعض يقول : لماذا أعمالنا بين الصواب والخطأ؟ أو : متى نعود إلى الصواب؟.

فالمحترفون دائما يقتربون من الصواب، لأن أهداف المحترف، إما أن يُسدد فيتحقق الهدف , أو يقترب من السداد فالهدف وشيك التحقيق.

وثمرة كل ذلك , في أنهم يغرسون الصواب لدى كل من يقابلونهم، فهم قدوة في مجتمعاتهم لغيرهم من الشباب والكبار.

3- الإيجابية
الهواة ذاتيون أي يعملون بدافع داخلي دون إجبار أو إكراه أو مراقبة أو متابعة، أما المحترفون فهم إيجابيون فإلى جانب الذاتية التلقائية فهم ينقلون الحقائق إلى غيرهم، فقد انطلقوا من دائرة الذات إلى الغير، كالشمعة التى تذوب لتنير الطريق لغيرها , فهم المنتجون في كافة مجالات الحياة، وهم المنفتحون على الناس والحياة، وهم المتحركون على بصيرة ووعى وخبرة، وهم المتحكمون في ذواتهم مع الواقع والناس والضغوط، وهم الواقعيون المرنون مع مواقف حياتهم المختلفة، وهم المستمرون بجديتهم وهمتهم وتصرفاتهم واتصالهم بربهم، وهم المشاركون المتسامحون المتعاونون لأنهم هم الإيجابيون.

4- القدوة

  •  يقبل عليهم الناس لأن التأثر بالأفعال والسلوك أبلغ وأكثر من التأثر بالكلام وحده.
  •  وهم دعاة إلى الحق عمليون يتأثر بهم كل عاقل إلى النهوض والإتقان.
  •  وهم مثال حى يثير في الناس التـطلع إلى مـراتب الكمال، ويحـفزهم نحو العمل وتحـقيق الأمـانى والأحلام.
  •  وهم الذين يقنعون الآخرين بأن بلوغ الفضائل من الأمور الممكنة , فشاهد الحال منهم أقوى من المقال.
  •  وهم الذين يحفزون الناس أن يكونوا من المستويات الجيدة , وهم يتعاملون مع الحياة , من صبر وإصرار وتحمل وصلاح.

5- الاحترام

  •  لقد نالوا تقدير الآخرين واحترامهم لهم، وهي حاجة بشرية اجتماعية، تدفعهم نحو المزيد من العمل وإتقانه وتحقيق أهدافهم.
  •  إن أكبر حافز لهم على الاستمرار هو تقدير الآخرين واحترامهم لما يقدمونه من اتقان وتمكن في العمل.
  •  يتزودون بطاقة هائلة من تقدير الآخرين تجعلهم يحققون أهدافهم ويحولون الأفكار إلى واقع ملموس.
  •  الاحترام ليس لأشخاصهم فحسب، بل للقدرات التى جعلتهم في هذا المستوى العالي , مما يحفز الآخرين لاكتشاف قدراتهم والاستفادة منها.

6- الكسب
وفق السنة الربانية، فهم الرابحون , يقول تعالى :
{ فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور} الملك / 15.
فماذا جنى القاعدون الذين سلكوا الطرق الملتوية ويحسبون أنهم يكسبون ويربحون؟

يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
[ لعن الله الراشي والمرتشي ] الترمذي

ويقول تعالى :
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله } البقرة : 278 : 279.

ولأنهم سلكوا طريق التقوي والكسب الحلال، فالله أغدق عليهم بكرمه، لقوله تعالى :{ ومن يتق الله يجعل مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب } الطلاق 2 : 3.

7- الإنجاز
وأخيراً هم يتمتعون بمتعة الإنجاز، ونشوة التحقيق، ولذة النتيجة، حينما يرون أهدافهم واقعاً يعيشون فيه، ويتمتعون بلحظاته , ولم لا؟
وهم كانوا يبادرون لصنع الأحداث وتوجيهها، ولا ينتظرون أن تلعب بهم الأحداث أوالمواقف.
وهم يفكرون في الحلول والخيارات, ولا يفكرون في المشكلات والعقبات.
وهم يتصرفون غير عابئين بالضغوط, ولا ينتظرون تصرفات الآخرين ليقلدوهم.
إنهم يستحقون أن يتمتعوا بالإنجاز، فكم ثابروا وكم مهروا وكم أبدعوا وكم اجتهدوا وكم غامروا.
لقد نجحوا بالفعل وفي الحقيقة, بأن يكون كل منهم (صانع الإنجاز) سلوكاً وعملاً, وليس هتافاً وكلاماً.

هل أنت محترف أم هاوٍ؟

في مهنتك، في التعامل مع أسرتك، في التعامل مع الناس؟ في التعامل مع الأفكار؟ في تدينك؟ في تصرفاتك الأخلاقية؟ في سلوكك مع المجتمع؟ في عملك لخدمة الإسلام؟ في دعوتك للآخرين؟

المصدر :

yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 390/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
127 تصويتات / 2856 مشاهدة
نشرت فى 24 نوفمبر 2008 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر