تميزت السنوات الأولى من القرن العشرين بظهور عدة اتجاهات فنية جديدة كان أهمها: الحوشية والتعبيرية والتكعيبية وكانت هذه الاتجاهات امتدادًا منطقيًّا لما وصل إليه الفن الأوروبي في أواخر القرن التاسع عشر، فمن المعلوم أن مصوِّري عصر النهضة اهتموا بالتجسيم لأنهم جعلوا من الفن الإغريقي مثلهم الأعلى، ومنذ ذلك الحين أصبحت العناية بإبراز كتلة الأجسام بواسطة التظليل من أهم خصائص الفن الأوروبي، ولسنا نجد مثل هذا الاهتمام بتظليل الأجسام في فنون التصوير التي عرفتها المدنيات الأخرى كالفن المصري، أو الفارسي أو الهندي أو الصيني؛ ولذلك يعتبر ما حدث للفن الأوروبي خلال القرون التالية لعصر النهضة ظاهرة استثنائية في تاريخ الفن، فقد أخذ الفنان الأوروبي يتحرر شيئًا فشيئًا من فكرة التظليل موجهين اهتمامهم إلى لغة الألوان بدلاً من لغة الظل والنور "الضوء"، وأخذت هذه الفكرة تتطور من مدرسة إلى أخرى وتتضح أكثر فأكثر، فرأينا من يستخدم الألوان في شبه مساحات مسطحة، ثم ازداد هذا الميل عند من يعرفون بالانطباعيين حتى وصلنا إلى جوجان (رائد الفن الرمزي الذي يسعى ليجعل دنيا الواقع ودنيا الخيال يتواءمان)، فلقد أعلن الثورة على التجسيم وقال بصراحة: "إن الغلطة الكبرى هي الفن الإغريقي مهما يكن جماله".

وكان ينصح أتباعه بدراسة فنون التصوير الأخرى، كما ينصحهم بعدم الرسم من "الموديل" حتى لا يقيدوا مشاعرهم بالمظاهر الحسية؛ لأن الفن "تجريد" - على حد تعبيره- أي ينبع من ذهن الفنان وخياله وليس صورًا منسوخة.

ظهور الحوشيَّة والتعبيرية
في عام 1901م أقيم معرض كبير لأعمال فان جوخ (كان يندرج في فترة من فتراته الفنية تحت المدرسة الانطباعية" وفي عام 1903م أقيم معرض آخر لأعمال جوجان، فأثار هذان المعرضان اهتمام جماعة من الشباب الفنانين، وفي السنة التالية أفرد صالون الخريف (معرض كان يقام في باريس لعرض أعمال الفنانين) قاعة خاصة لأعمال هؤلاء الشباب، وقد بلغت جرأتهم في استخدام الألوان والتعبير بها أن أطلق ناقد على هذه القاعة اسم قفص الوحوش "Fauves"، ومن ثم أصبح يعرف اتجاه هذه الجماعة باسم الحوشية "Fauvisme".

وفي الوقت الذي ظهرت فيه الحوشية في فرنسا ظهرت في ألمانيا الحركة التعبيرية متأثرة أيضًا بجوجان وفان جوخ، وأقوى تأثيرًا بالتراث القوطي بتهاويله وأشباحه وتخيلاته الموحشة الغربية والتعبيرية نقيض الانطباعية، فالانطباعية تعتمد على الإحساسات البصرية والانطباع الأول عن كل ما يقع عليه بصرك، أما التعبيرية فتنبع من انفعال باطنى "أي تأثرك بحدث أو بشيء ما وانفعالك به"، وإذا نظرنا الآن في تطور الفن الأوروبي منذ واقعية أواسط القرن التاسع عشر حتى ظهور هذه الاتجاهات الجديدة نجد أنه يشبه إلى حد ما تطورًا آخر حدث في ميدان العلم وهو الانتقال من مفهوم الكتلة أو المادة إلى مفهوم "الطاقة"، فالفنان لا يصف "أشياء" وإنما يعبر عن معان نفسية أو ذهنية.

ومن أهم فنانين الحوشية ماتيس: "Matisse" أحسن وأبرع ملوِّن في العصر الحديث
روده "Rouault"، أما أهم فنانين التعبيرية جميس انور "Insor" البلجيكي وكوكوشكا "kokoschka" النمسوي وقرانز مارك "Marc

 

yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 333/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
115 تصويتات / 14077 مشاهدة

ساحة النقاش

mahboulista

merciiiiiii

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر