اولا : الأساس والتسمية : ما معنى كلمة النوبة أو النوبت ويقال أن الاسم نسبة إلى نباتا وهى التسمية التوراتية لإبن إسماعيل الأكبر نباتا الكثير منا يتساءل كما يُسأل أيضاً عن معنى هذا الاسم الذي نحمله كلنا(أهل النوبت) والقليل فقط ممن يعرفون المعنى والأصل: ويقول البعض إن الاسم (مأخوذ من كلمة- نوب - أو نوبو- وهى كما يقال كلمة عربية الأصل بمعنى اللهب الأصفر وكان يوصف بها الدهب عند قبائل اليمن) وأطلق على بلاد النوبة أسماء أخرى فسماها الإغريق ب اثيوبيا وتعنى (ذوى الوجوه المحروقة) وقد أطلق في الغالب الفراعنة هذا الاسم وذلك لأن النوبت (أو سكان هذه المنطقة) كانوا سود البشرة وهذا هو الدليل على أن (الأسرة السادسة والعشرون من الأسر الفرعونية من أصول حبشية وسميت بالأسرة الأثيوبية وسيأتي ذكرها فيما بعد) كما عرفت بالواوات وتاسيتى (تعنى أرض السهام) ومن الأسماء الأخرى (دودي-كاتنيوس-وبلاد مازوى-وارتيت).

ثانياً: أين تقع بلاد النوبة : قيل(فيما بين ملتقى النيلين الأبيض والأزرق عند الخرطوم في الجنوب إلى كردفان بجبال النوبة وأما الهجرات الحديثة في الشمال إلى وادى حلفة وقرى بجنوب أسوان) وسنقوم هنا بتقسيم الزمن لمرحلتين زمنيتين وهم (قبل وبعد بناء السد العالى وذلك لأن جغرافية المنطقة قد تغيرت وتحولت تماماً عند هذه النقطة الفاصلة والحاسمة في حياة أهل النوبة 1. قبل بناء السد العالي: وفى هذه الحقبة من الزمن وبالطبع وما قبلها قسمت النوبة جغرافياً كالتالي وهو الثابت تاريخياً أن كلمة نوبة أو نوبت كانت تطلق على سكان القرى الواقعة من الشلال الأول قرب أسوان إلى ملتقى النيلين في السودان حتى كردفان ويمكن تقسيم النوبة إلى ثلاث مناطق (1) النوبة العليا من جبال النوبة إلى ملتقى النيلين وحتى دنقلا (الشلال الرابع) (2) النوبة الوسطى من دنقلا إلى حلفا(الشلال الرابع إلى الثاني) (3) النوبة السفلى من الشلال الثاني إلى الأول (أي من وادي حلفا إلى جنوب أسوان).

مرت النوبة بمراحل عديدة منذ قيامها في فجر التاريخ وحتى مراحل السقوط، واليوم سنبدا بنشر بحث للدكتور عبد الرازق عبد المجيد استاذ التاريخ، وسنوالى نشر البحث على عدة مراحل.ونبدا منها التعريف بالنوبة ثم مختصر تاريخ النوبة مرورا بمملكة مروى ثم معاهدة البقط وملوك النوبة والممالك المسيحية ثم المملكة المسلمة (مملكة بنى الكنز الإسلامية) ومملكة علوه وغيرها ،كذلك يتناول البحث علاقة النوبة بالاتراك العثمانيون وكذلك الفاطميون والايوبيون ووالبحث مفيد جدا لانه تناول كل هه المراحل حسب ترتيبها الزمني وبشكل موجز ارجو ان يكون البحث مفيداً لكم وان نستفيد من علم هذا الرجل الكبير.

الحلقة الأولى (التعريف بالنوبة) أين تقع قرى النوبة وماحدودها في مختلف العصور التاريخية.وما الأسماء المترادفة التي أطلقت عليها وعلي شعبها ومدلول تلك الأسماء.وما الجنس البشري وما الأطوار السياسية والدينية والاجتماعية التي مرت بها عبر تلك العصور المتعاقبة.وما الجنس البشري الذي سكن تلك البقعة من وادي النيل.وما علاقتة بفراعنة مصر والشعوب التي عاصرتهم علي في تلك الحقبة الزمنية أولا الموقع : تقع قرى النوبة علي ضفتي نهر النيل جنوبا من مصر ابتداء من جنوب مدينة أسوان حتي أعالي النيل وقد تمتد إلي منابعة حسب تعريف العصور القديمة حيث عجز المصريين القدامي عن تحديد بقعة معينة كحدود جانبية لها في ذلك الزمن المبكر. وذلك لعدم إمكانية الانتقالات حينذاك اما في العصور الحديثة فقد اقتصر اسم النوبة علي المنطقة الواقعة علي ضفتي نهر النيل فيما بين جنوب أسوان شمالا ومنطقة الدبة الواقعة في اقصي جنوب دنقلة جنوبا.وهذه المسافة تزيد عن ألف ميل طولا لكن تغيرت هذه الحدود في عصر الأستعمار.فبعد موقعة التل الكبير عام 1882 أحتل الإنجليز مصر ثم السودان باعتبارة تابعا لمصر.وتلي ذلك قيام الثورة المهدية في السودان بقيادة المجتهد محمد أحمد المهدى والتي نجحت في طرد الإنجليز من السودان.ثم اتجهت شمالا لاستكمال تطهيربقية وادي أرض النيل من الاحتلال الاجنبي ولكنها هزمت في موقعة توشكي غرب الواقعة علي مسافة حوالي 250 ميلا من أسوان جنوبا وذلك في 3/8/1889م فاسترد الإنجليز السودان وفي عام 1899 عمل الإنجليز علي فصل السودان عن مصر بوضع حدود جديدة بينها عند خط عرض 22شمالا والذي يمر علي مسافة حوالي 330 ميلا جنوبا من أسوان بين قريتي أدندان علي الضفة الغربية ليشطر بذلك قرى النوبة علي شطرين فوقعت قرية أدندان علي الحدود الجنوبية لمصر بينما وقعت فرس علي الحدود الشمالية للسودان. ومنذ ذلك الحين أنتسب كل شطر منها الي الدولة التي تتبعها.ونشأ بذلك لفظى قرى النوبة المصرية وقرى النوبة السودانية ثانيا: الأسماء المترادفة التي اطلقت علي السودان عبر التاريخ كل منها يحمل معني أهل النوبة وهذه الأسماء هي

كوش – اثيوبيا – تاستى أوتاكنس- مازوي – ارض المعدن 

●النوبة: ويقال أنه الاسم الاصلي والشائع في جميع العصور التاريخية ويحتمل أن الذهب باللغة المصرية والنوبية القديمة

حيث كانت جبالا مغطاة بهذا المعدن النفيس ●كوش: وهذا الاسم مرادف لاسم النوبة نسبة إلي كوشييم جد النوبة والنوبين وهو أخو مصراييم جد المصريين وكلاهما ولدا حام بن نوح علية السلام، حيث استقر كوشاييم في النوبة بينما استقر مصراييم في مصر ● أثيوبيا

وهذا الاسم أطلقة مؤرخو وجغرافيو الإغريق القدامى مرادفا لاسم النوبة

.فالإغريق هم رواد الجغرافية والتاريخ.وهذا الاسم ثبت خطأة لان لفظ اثيوبيا يطلق علي الحبشة حاليا ويبدو أنهم لم يكونوا يقصدون الحبشة كما ساء فهم الجغرافيين والمؤرخين المحدثين لان لفظ اثيوبيا في لغة الاغريق يعنى ذوي البشرة السوداء أو ذوى الوجوة السوداء وبذلك كانوا يقصدون باللفظ ارض السود وخاصة انهم لم يتح لهم الوصول الي الحبشة في ذلك الزمن المبكر حيث كانت وسائل الانتقالات معدومة ●تاستى أوتاكنس: وهذا الاسم يعنى ارض القوس أو أرض رماة القوس نسبة الي مهارة النوبت في استخدام القوس وقد ادرك الملك الفرعوني احمس (1570-1546ق.م) مؤسس الاسرة الثامنة عشر الفرعونية هذه الميزة في النوبة فاستعان بهم في طرد الهكسوس من مصر. وهذه الصفة في النوبة ادركها العرب المسلمون في صدر الإسلام عند محاولتهم فتح النوبة بوسط السودان في القرن السابع الميلادي (640م) حينما واجهوا رماة النوبة المهرة في رمي الاقواس ●مازوى: وهذا الاسم أيضا من صفات النوبة ويعني الجندي باللغة الفرعونية وهو كتابة عن جنود النوبة

●أرض البقط أو النبط :وهذا الاسم اطلقة العرب علي النوبة نسبة الي معاهدة البقط التي تمت بين العرب المسلمين والنوبة في القرن السابع الميلادي ظلت النوبة تلعب دورها الحضاري والسياسي والاجتماعي والديني في منطقة النيل الأوسط منذ أقدم العصور التاريخية فد تمتد الي أكثر من خمسة آلاف عام فبل الميلاد الي ان قامت مملكة عرفت بمملكة نبتا نسبة الي عاصمتها مدينة نبتا بالقرب من مدينة دنقلة الحالية والتي أصبحت لها شخصية قوية ذات كيان سياسي وعسكري واقتصادي في وادي النيل منذ نهاية القرن التاسع وبداية القرن الثامن قبل الميلاد

وأصبحت لها قوة عسكرية ضارية بفضل زعمائها الاشداد مثل ملك الارار ثم الملك كاشتا ثم الملك بعنخى والأخير هو اقوي ملوك النوبة ومؤسسها الحقيقي الذي عمل علي ترصيد بلاد النوبة التي كانت من قبل عبارة اقطاعات.بينما اخذت مصر في طور الضعف والانحلال بعد زوال اسرة الرعامسة منذ الاسرة الواحد والعشرين (1085-950ق.م) حيث استولي عليها عناصر ليبية من المعروفين بالماشاوش بقيادة ملكهم شاشانق الأول. والذين ظلوا يحكمون مصر من خلال الاسرات 21,22.23 حتى دبت الخلافات والنزاعات الهدامة بين امرائها

.وانقسمت خلالها الي أكثر من 21 ولاية أو امارة متنازعة.ولما بلغ الملك النوبى بعنخى خبر عن أحوال مصر في ظل ملوكها الماشاوش والتي أصبحت بذلك مطمعا للدول الاجنبية اقسم بعنخي بحياة ابية وحياة الالهه آمون ان يضع حلا لتلك النزاعات الهدامة لكونة احق بحكم وادى النيل عن أولئك الدخلاء في وادى النيل وان يقيم امبراطورية بعد توحيد شطرى وادي النيل (مصر العليا ومصر السفلى)ليعيد بذلك امجاد اسلافة.فجمع جيشة واقتحم مصر من الجنوب فوقعت كل تلك الإمارات المصرية المتنازعة الواحدة تلو الأخرى تحت سلطانة حتى وصل إلى اقصي شمال مصر وأصبح علي مشارف مدينة اورشيليم (بيت المقدس) حاليا فانتهز ملكها قربة منة فاستعان بة على من عادة من الاشوريين الذين كانوا يستعدون للاستيلاء على املاكة.بعد هذا النصر العظيم للملك النوبى بعنخى نظم شئون الامبراطورية المصرية النوبية وكون الاسرة الخامسة والعشرين ضمن سلسلة الاسرات الفرعونية التي عرفت في المصادر التاريخية بالاسرة النوبة أو الاسرة الاثيوبية التي حكمت الامبراطورية لمدة خمسة وتسعون عاما (751-656ق.م)وقد عرف عصر هذه الاسرة بعصر اليقظة في وادى النيل.هذا وقد خلف الملك بعنخي في حكم الامبراطورية المذكورة أولادة أولهم الملك شباكاملك يهودا (716-701ق.م) ثم الملك شبثاكا ثم الملك طهراقا (690 -664) ثم الملك تانوت أمون (663-656ق.م) وهو آخر ملوك الامبراطورية النوبة المصرية والاسرة الخامسة والعشرين .وكان تظآمر بعض آمراء مصر بالاتفاق مع الاشوريين الطامعين في مصر سببا في انهيار تلك الامبراطورية

كانت مدينة منف في مصر السفلى مقرا لحكم الاسرة الخامسة والعشرين النوبة .وكانت تتبادل معها في هذا الشأن مدينة طيبة (الأقصر حاليا)لكونها مقرا للمعبود آمون غله الامبراطورية.ولكن بعد انهيارها عادة مدينة نبتا أو نباتا مقرا للحكم للمرة الثانية وظلت حتي مطلع القرن السادس الميلادي أو بعدة بقليل.وقامت في مصر الوسطي اسرة فرعونية جديدة بزعامة الملك السمتك .الذي كون الاسرة السادسة والعشرين الفرعونية بعد رحيل اسرة النوبة

مملكة مــــروى: بعد اضمحلال مملكة نباتا قامت علي إنقاضها مملكة نوبية آخرى عرفت بمملكة مروي التي عرفت باسم عاصمتها مدينة مروي الي الجنوب قليلا من مدينة نباتا أى بالقرب من الشلال الرابع وذلك في حوالي عام 350 ق.م والتي ظلت تؤدي دورها الحضاري بالنوبة ما يقرب من سبعمائة عام أو يزيد قليلا (350-356) وقد عاصرت خلالها حكم البطالة في مصر(334-31 ق.م) ومن بعدهم الحكم الروماني في مصر أيضا (31ق.م-640 ق.م)وكان لها دور بارز في مقاومة التدخل الاجنبى في مصر وفي شئون النوبة من جانب البطالمة والرومان الذين كانوا يعتبرون النوبة السفلى منطقة نشر نفوذهم وبذلك قامت بين الطرفين عدة معارك حربية

وكان من أهم مميزات الحكم المروي ظهور العنصر النسائي في الحكم حيث حكمها عشرون ملكة من جملة ملوكها البالغ عددهم ستون ملكا.وكان من ابرزهن الملكة رينسانس التي عرفت بالملكة كنداكة(وكنداكة هو اللقب الملكي لملكات المروي )والتي عاصرت اطمع الرومان في مصر العليا والنوبة السفلي حيث وقعت عدة معارك حربية بينهم وبين الرومان انتصرت خلالها (في عام 23 ق.م)في قرية الدكة التي كانت تسمي باسم بلسيكس.وتقدمت حتي مدينة طيبة الأقصر لكنها انهزمت في النهاية ثم انتصرت سياسيا حين ارسلت رسلها الي الامبراطور الروماني حيث تم الصلح بين الطرفين فنالت من خلالة حق النوبة. وقد اضمحلت مملكة مروي هذه بعد أن بدأت المسيحية تنتشر في النوبة حيث هاجمها ملك أكسوم الحبشى وهزمها والقي بتماثيلها الوثنية في نهر النيل وقطع بذلك دابر الوثنية في بلاد النوبة في عام 356م ممالك النوبة المسيحية

بسقوط مملكة مروي الوثنية وانتشار المسيحية في وادي النيل قامت بالنوبة

ثلاث ممالك مسيحية هي مملكة نوباديا ,مملكة مقرة ,مملكة علوة مملكة نوباديا: قامت هذه المملكة قديماً بين الشلالين علي النيل الأول والثاني.واتخذت عاصمتها نجراش وهي فرس الحالية التي تقع علي مسافة 320 ميلا تقريبا من اسوان جنوبا علي ضفة النيل الغربية والتي تعد أول قرية نوبية سودانية من الشمال حاليا.وان بادلتها أحيانا قريتي كلابشة وابريم في الاهمية.وهذه المملكة لم تدم طويلا لاتحادها مع مملكة مقرة التي تليها من الجنوب

مملكة مقرة أو ماقرة المسيحية: وهي المملكة النوبية الثانية من جهه الشمال وتبدأ بنهاية حدود مملكة نوباديا وتمتد حتي بلدة أبو احمد التي كانت انذاك تعرف بالأبواب وعاصمتها مدينة دنقلة الحالية وقد كانت لهذه المملكة شأنا عظيما في العصور الوسطي .وخاصة بعد اتحادها مع مملكة نوباديا المذكورة قبيل ظهور الإسلام وعرفت المملكة المتحدة باسم مملكة النوبة وظلت عاصمتها مدينة دنقلة.وهي التي شهدت ظهور الاسلام منذ نهاية القرن السادس ومطلع القرن السابع الميلاديين وواجهت الفتوحات الإسلامية في صدر الإسلام علي حساب الدول المسيحية المجاورة من أهمها مصر الرومانية.ومن هذا المنطلق وقفت موقفا متشددا حين حاول المسلمون فتح بلاد النوبة في عام 20 م /640م بعد أن تم لهم فتح مصر. وقد استمرت المحاولة عشر سنوات (20م/640م-31م -651م)ذاق خلالها الطرفين معارك ضارية لم يشهدها المسلمون من قبل. حبث واجهوا مهارة النوبين في رمي القوس والنبل حتي فقد معظم محاربي المسلمين حدقات اعينهم في تلك المعارك ولذلك اطلقوا علي النوبين اسم رماة الحدق. وقد شهد أحد قادة المسلمين ممن اشتركوا في تلك المعارك الضارية فقال (شهدت النوبة مرتين في ولاية عمر بن الخطاب فلم ار قوما أحد في الحرب منهم لقد رأيت أحد يقول للمسلم أين تحب أن أضع سهمي منك فربما عبث الفتى منا فقال في مكان كذا فلا يخطئة. فكانوا يكثرون الرمي بالنبل فما يكاد يرمي من نبلهم في الأرض شيء فخرجوا الينا ذات يوم فصادفونا ونحن نريد ان نجعلها حملة واحدة بالسيوف.فما قدرنا علي معالجتهم.رمونا حتي ذهبت الاعين فعدت مائة وخمسون عين مفقودة فقلنا ما لهؤلاء خير من الصلح إن سلبهم لقليل وان نكايتهم لشديدة.فلم يصالحهم عمرو .ولم يزل يكالبهم حتى نزع وولي عبد الله بن سعد بن ابي صرح فصالحهم

●معاهدة البقط أو النبط ويقال إنه اسم محرف من النبت نسبة إلى نباتا : كان من نتيجة عجز المسلمين عن فتح بلاد النوبة ان عقدت بين الطرفين معاهدة عرفت بمعاهدة البقط تجلت فيها المساواة بين الجانبين ولذا تعتبر هذه المعاهدة بمثابة معاهدة اقتصادية أكثر منها عسكرية.فهي لم تكن بين غالب ومغلوب. فقد نصت علي ان تورد النوبة بموجبها 360 رأساً من الرقيق سنويا للمسلمين مقابل ذلك يورد المسلمون للنوبة بعض المحاصيل من المنتجات المصرية مثل القمح والشعير والزيت والاقمشة وخلافة.وبذلك تكون معاهدة البقط تمثل تبادل مصالح بين الطرفين.ولذلك ظلت اساسا للعلاقات بين مصر الإسلامية والنوبة زهاء سبعمائة عام (640 -13170) فهي أول وأطول معاهدة في تاريخ الفتوحات الإسلامية من حيث الكم والكيف لان المسلمين ما من دولة طرقوا أبوابها الا وفتحوها عنوة وفرضوا شروطهم الإسلامية من أهمها الجزية. هذا وقد سارت جميع الدول الإسلامية التي تعاقبت علي مصر الإسلامية في علاقتها مع النوبة طبقا لما نعت عليها معاهدة البقط منذ عصر الخلفاء الراشدين ثم العصر الاموي ثم العصر العباسى ثم العصر الفاطمي ثم العصر الايوبي وأخيرا العصر المملوكي التي ساءت العلاقات بين البلدين خلالها

●مملكة علوة النوبة المسيحية : وهي المملكة النوبة الثالثة.وتبدأ حدودها بنهاية حدود مملكة مقرة النوبة المذكورة من الجنوب وتمتد حتي أعالي النيل وعاصمتها سوبا الي الجنوب قليلا من مدينة الخرطوم الحالية وبالرغم من أن هذه المدينة قد ذكر اسمها في معاهدة البقط المذكورة الا انها لم تكن لها علاقة مباشرة مع العرب المسلمين الذين طرقوا ارض مملكة مقرة.ويرجع ذلك الي بعدها وان ورد قليل من أخبارها في العصر الفاطمي في مصر. حتي كان كان سقوطها في ايدي القوم الذين عرفوا بالفونج منذ عام 1504 والذين قاموا علي انقاضها مملكتهم التي عرفت بمملكة الفونج الإسلامية مملكة بني الكنز الإسلامية ظهرت هذه المملكة عقب سقوط مملكة مقرة النوبة المسيحية في دنقلة نتيجة سوء العلاقات بينها وبين المماليك في مصر منذ عهد ملك النوبة داوود الأول (1272-1273م) الذي منع أداء البقط أو النبط المقرر علي النوبة بل قام بغزو مصر من الجنوب مما دفع المماليك الي القيام بحملات عسكرية متكررة لردع ملوك النوبة حيث تم خلالها عزل أكثر من ملك نوبي واستبدالة بملك نوبي آخر طبقا للسياسة المملوكية في مصر حتي كان عهد الملك النوبي كرنبس (1312 -1317) وهو آخر ملوك النوبة المسيحية الذي تم عزلة وتنصيب ابن اختة المسلم المدعو شجاع الدين بن نصرالدين بن فخر الدين الذي ينتمي الي بني الكنز.وكان الأخيرون (بنو الكنز) قد اقاموا مشيخة أو امارة إسلامية داخل مملكة النوبة المسيحية متخذين وادي العلاقي في النوبة السفلي علي مسافة 110 ميلا جنوبا من اسوان مقرا لحكمهم وذلك منذ العصر الفاطمي في مصر (358هـ-969 م) وازدهرت امارتهم في تلك المنطقة نتيجة استغلالهم مناجم ذهب النوبة الي ان جاء صلاح الدين الايوبى الي مصر في عام (567هـ-1171م) وشتت شملهم نتيجة وقوفهم الي جانب الفاطميين في صراعهم ضد الايوبيين مما جعل بني الكنز ان يتوغلوا جنوبا الي قلب العاصمة النوبية دنقلة كما كان اشتراك هؤلاء الكنوز في الحملات المملوكية المتكررة علي النوبة كما سبق الذكر (كأولاء) بمسالك النوبة ودروبها مما ثبت اقدامهم في العاصمة النوبية حيث تصاهروا عن طريق التزاوج مع وجوه النوبة وخاصة مع الاسرة المالكة النوبية مما جعلهم يرثوا العرش النوبي ولاسيما ان نظام الارث في النوبة كان يعطي الحق لابن البنت وابن الاخت ان يرث جدة أو خالة دون ولد صلب.كما كان المولود ينتسب الي امه وليس الي ابية. منذ عزل ملك النوبة المسيحي كرنبس وتعيين ملك كنزي مسلم في عام (717هـ -1317م) علي العرش النوبي

بدأت النوبة تتحول الي الإسلام من الناحية الرسمية ،وتعاقب علي عرشها ملوك مسلمون من بني الكنز حتي كان العصر العثماني في مصر منذ عام 1517م وبذلك تكون دولة الكنوز العربية الإسلامية عاشت مائتي عام بالتمام (1317-1517م) وان كانت قد عمت خلالها الفوضي نتيجة النزاعات القبلية من جراء نزوح العديد من القبائل العربية المختلفة الي النوبة لمشاركة بنى الكنز في ملكهم فضلا عن الاطماع الخارجية لامتلاك بلاد النوبة. منها اطماع العثمانيين من الشمال واطماع الفونج بجبال النوبة من الجنوب وبذلك وقعت النوبة بين فكي كماشة كما يتضح مما يأتي

النوبة والاتراك : كان سقوط مصر في يد الدولة العثمانية في عام 1517م بقيادة السلطان سليم الأول بعد تغلبة علي الدولة المملوكية التي كانت تحكم مصر إيذاناً بضم بلاد النوبة الي ممتلكات مصر العثمانية. وكان السلطان سليم الأول قد تنبه بمجرد ان وطأت اقدامة ارض مصر ان هناك منافسا آخر في ارض النوبة العليا يطمع هو الاخر في ضم بقية بلاد النوبة الي ممتلكاتة الا وهو الملك عمارة دونقس ملك مملكة الفونج الإسلامية الذي اقام دولته في النوبة العليا على انقاض مملكة علوة المسيحية منذ عام 1504م واتخذ عاصمته في مدينة سنار جنوباً من مدينة الخرطوم الحالية قليلاً.

ارسل السلطان سليم الأول جنودة البشناق (وهو تحريف للفظ البوسنة بالتركية) الي بلاد النوبة في عام 1520 م لحماية حدودها الجنوبية وفي نفس الوقت كان جنود عمارة دونقس ملك الفونج متجهين شمالا لضم بقية بلاد النوبة الشمالية .والتقي الجيشان في بلدة تعرف باسم حنك في اقصي جنوب بلاد المحس قرب الشلال الثالث حيث وقعت معارك دامية بين الجيشين وانتهت بانتصار العثمانيين علي الفونج واقيمت بينهم معاهدة صلح أصبحت بموجبها مدينة حنك فاصلا بين النوبة العثمانية والنوبة الفونجية .منذ ذلك الحين أصبحت أحوال بلاد النوبة قائمة علي هامش التاريخ.اي ليس هناك تغيرات سياسية تذكر سوي صراعات قبلية بين العناصر النوبية الاصلية و للعناصر الداخلية المتمثلة في جنود العثمانيين البشناق وهم من البوسنة والهرسك الذين عرفوا فيما بعد بالكشاف.والاخرين كانوا يعتمدون علي السلطة العثمانية لكونهم جباة الضرائب من النوبة لحساب السلطان العثماني وقد كانوا يستخدمون القسوة أحيانا في هذاالشأن.

أما في النوبة العليا (الفونجية) حيث كان الصراع علي اشدة بين اهل البلاد الاصليين الممثلة في بقايا كنوز دنقلة وهم بقايا ملوك عرب النوبة من جهة والقبائل العربية النازحة الي هناك والمتمثلة في العبدلاب وغيرهم من جهه أخرى وقد نتج عنها قيام مشيخات إسلامية عديدة مثل مشيخة العبدلاب الذين تحالفوا في أول الامر مع الفونج ومجموعة الجعليين ومجموعة الشايقية ومجموعة الركابية وغيرهم الذين انتشروا في أقاليم النوبة العليا بعد سقوط مملكتي النوبة المذكورتين.

وهكذا ظلت بلاد النوبة علي هذه الحال الي ان جاء محمد علي باشا علي حكم مصر في عام 1805م وشرع في فتح بلاد النوبة العليا في عام 1821م التي اطلق عليها بلاد السودان في سجلات محمد علي وخلفائة وبذلك تكون جمهورية السودان الحالية جزء من بلاد النوبة القديمة بل وهي النوبة العليا واسم السودان هو اسم مستحدث في عصر محمد علي باشا.وظهرت شخصيتها كدولة ذات كيان مشتعل منذ الاحتلال البريطاني لمصر في عام 1882م عقب موقعة التل الكبير وتبع ذلك احتلال السودان أيضا باعتبارة تابعا لمصر منذ الفتح المصري له علي يد محمد علي باشا كما اسلفنا الذكر. وقد عمل الإنجليز علي فصال السودان عن مصر بعد هزيمة حملة دراويش السودان من الإنجليز في موقعة توشكي في 3/8/1889 وتم لهم استرداد السودان مرة اخري في عام 1899م حيث وضعوا الحدود الفاصلة بين الدولتين (مصر والسودان) عند خط 22ْ شمالا والذي يقع بين قريتى ادندان وفرس النوبيين كما اسلفنا الذكر وبذلك أصبحت مدينة فرس سودانية وقرية ادندان مصرية.

 

 

 

yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 3228 مشاهدة
نشرت فى 19 إبريل 2012 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر