(اختر حياتك) هو عنوان الحملة التي أطلقتها وزارة الأسرة والسكان قبل أيام في القاهرة لمحاربة إدمان المخدرات، والتي تأمل بالوقاية بدلاً من العلاج، بتكلفة 120 مليون جنيه مصري، وتستمر لمدة 5 سنوات من خلال «صندوق مكافحة وعلاج الإدمان»، وبمشاركة من مؤسسات المجتمع المدني.
وفي هذا الصدد يحذر تقرير التنمية البشرية المصري الذي صدر في يونيو
الماضي تحت عنوان (شباب مصر: بناة مستقبلنا ) من أن هؤلاء الشباب باتوا أكثر عرضة لإدمان المخدرات، لاسيما في العشوائيات حيث يعيش نحو 15 مليون مصري.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن العجز عن حماية شباب العشوائيات من السلوكيات العدوانية وإدمان المخدرات أدى إلى أن أصبحت تلك المناطق نقطة جذب للنشاطات غير الشرعية، وأبرزها تعاطي المخدرات. والنتيجة حالياً هي أن فرصة تعاطي المخدرات بين شباب العشوائيات تزيد بنسبة 50 % عن المتوسط العام بين شباب مصر. إلا أن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال، أن شباب الطبقتين المتوسطة والمقتدرة في مأمن من هذا الخطر.
وقبل أيام قليلة أطلقت وزارة الأسرة والسكان حملة قومية للوقاية من المخدرات (اختر حياتك )، وهي الحملة التي طال انتظارها، لاسيما مع تفاقم عدد المتعاطين وخروج أجيال جديدة أكثر عرضة للإدمان، بعدما انضم الأطفال إلى الفئات الأكثر استهدافاً من قبل القائمين على «بيزنيس» تشجيع التعاطي.
وقد اخترقت مشكلة إدمان المخدرات كل شرائح المجتمع وفئاته، من أغنياء وفقراء ومتعلمين وأميين، وذكور وإناث، في الريف وفي الحضر. ولأن تلك المشكلة شديدة التعقيد والتشابك، فإن الحملة الجديدة ستتعامل مع العوامل التي تؤدي إلى دخول عالم التعاطي أملاً بحلها من جذورها.
ويرى الخبراء أن تفشي ظاهرة إدمان المخدرات بين الشباب إنما يعكس انحساراً وتراجعاً ملحوظين في دور الأسرة التقليدي في ما يختص بالمخدرات، بدءاً من الوقاية وانتهاء باكتشاف التعاطي، كما أن هناك حقيقة بالغة الخطورة تعكس فداحة المشكلة وهي أن 52 % من مدمني المخدرات من الشباب والمراهقين يعيشون مع الوالدين في البيت.
وهناك مفاجآت كثيرة تم تفجيرها في إطلاق هذه الحملة لعل أخطرها انخفاض سن بدء التعاطي إلى 11 سنة، وسن التدخين إلى تسع سنوات حتى بين الفتيات. وبدا واضحاً أن الغالبية العظمى من المراهقين تؤمن بأن المخدرات تساعد على المذاكرة والعمل لفترات أطوال، وتجعلهم أكثر نشاطاً وإبداعاً وجرأة، وتساعدهم على الابتعاد عن المشكلات والشعور بالاكتئاب، بل أنها تساعدهم على أن يكونوا خفيفي الظل.
اتجاهات الحملة:
وتركز الحملة بشكل أساسي على مرحلة الوقاية الأولية لمنع أو تقليص عدد من يدخلون إلى عالم تعاطي المخدرات، وذلك من خلال خلق مناخ ثقافي واجتماعي رافض لفكرة التعاطي من الأصل، حيث أن نحو 38% من المراهقين والشباب لا يرى ضرراً في تجربة المخدرات، معتقدين أن التجربة لن تسبب الإدمان. كما أن الصورة المجتمعية لديهم عن المدمن ليست سيئة، والدليل هي أن 33 % منهم لا يمانعون في أن يكون صديقه مدمناً.
وتتوجه حملة (اختر حياتك) إلى ثلاث فئات رئيسية هي:
- الشباب في الفئة العمرية من سن 10 إلى 18 سنة، وهو ما يعكس تدني سن التعاطي، بالإضافة إلى نظرة واقعية مطلوبة في التعامل مع مشكلة التعاطي والابتعاد عن النمط التقليدي المائل إلى رفض فكرة إقبال الأطفال على التعاطي.
- فئة العمال والحرفيين والسائقين ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و35 سنة، وهي إحدى أكثر الفئات التي ينتشر بينها التعاطي وتشهد نسب انضمام مرتفعة.
- الفئة الثالثة والأخيرة والأهم هي الوالدان؛ ففي محاولة لرأب الصدع الذي أصاب الأسر ودورها التقليدي في وقاية الأبناء من المخدرات، والاكتشاف المبكر لحالات الإدمان في البيت، تستهدف الحملة الآباء والأمهات ممن تتراوح أعمارهم بين 25 و55 سنة، لتدريبهم على تهيئة بيئة أسرية تدعم الوقاية الأولية وتدعم الاكتشاف المبكر.
ساحة النقاش