لماذا لا يزال عمل المرأة قضية ليس لها حل؟
على الرغم من أن المرأة العربية اليوم تمثل جزءا بارزاً وإن كان صغيراً من الجماعات المهنية التي تشمل الأطباء وأساتذة الجامعات والمهندسين والمحامين والباحثين العلميين والكتاب والمؤلفين، والكل يعلم أن تفوقها وإبداعها لم يقتصر على الحقل المهني فهناك الكثير من السيدات اللاتي لم يجدن فرصة للعمل بأجور ثابتة في القطاعات المختلفة فاتجهن للعمل غير المأجور، ومع زيادة البطالة والتدهور الاقتصادي الذي طرأ على فرص العمل المتاحة في القطاعات الرسمية اضطرت المرأة للمشاركة في القطاع غير الرسمي بصورة متزايدة وبدون حقوق أو عقود ثابتة، فهي تعمل بدون حماية اجتماعية أو قانونية، وعملها لا تشمله الإحصاءات الرسمية.
إن عدم توفير الظروف الملائمة لعمل المرأة واعتبار عملها قضية تثار في كل مناسبة دون توفير الحلول المناسبة لهذه القضية هو السبب في تفضيل العديد من الخريجات الشابات ورغبتهن بالارتباط بزوج ثري بدلا من البحث عن عمل ملائم.
فمتى وكيف نتمكن من تغيير هذه التوجهات والميول؟!
أهداف مشاركة المرأة العربية في العمل :
يضمن الهدف الأشمل لمشاركة المرأة في عالم العمل والإنتاج، ضرورة تحقيق ثلاثة أهداف عامة هي:
أولاً: الهدف الإنساني والاجتماعي الذي يتضمن تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين، والارتقاء بمستوى الأسرة، مع العلم أن تكافؤ الفرص لا يعني بالضرورة تشابهها.
ثانياً: الهدف الاقتصادي الذي يتضمن الاستثمار الأمثل للموارد البشرية لتحقيق النمو الاقتصادي المرغوب والإنتاجية العالية والعائد المناسب على الفرد والمؤسسة والمجتمع.
ثالثاً: الهدف الثقافي الذي يتضمن ترسيخ ثقافة ايجابية لمكانة المرأة ودورها في المجتمع، وتعظيم قيمة العمل بأنواعه ومستوياته المختلفة للمرأة والرجل على السواء.
وتأتي هذه الأهداف مع توضيح مكانة المرأة وصورتها في المجتمع بشكل عام وفي عالم العمل بشكل خاص، ومدى الدعم المجتمعي لدور المرأة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى دورها الأسرى وإبراز مدى مشاركة المرأة في الحياة العامة، وفي مواقع التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرار في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بالإضافة إلى مشاركتها في المواقع القيادية في مؤسسات العمل والإنتاج مع رصد مدى توافر الخدمات والتسهيلات والهياكل المؤسسية المساندة للمنشآت بأنواعها المختلفة، ومدى مراعاتها للحاجات الخاصة للمرآة.
أولاً: عمل المرأة خارج المنزل:
يمكن تصنيف الأعمال والمهام التي تتولاها المرأة خارج المنزل بالأنواع الرئيسة التالية:
1- العمل كعاملة أو كصاحبة عمل: مقابل دخل مادي محدّد أو غير محدّد، ومن الطبيعي أن يندرج مثل هذا العمل ضمن مفهوم المنشآت بأنواعها المختلفة، الكبيرة والمتوسطة والصغيرة، إذا تم في مؤسسة تنطبق عليها معايير هذه المنشآت، وتم تسجيلها كذلك.
2- العمل بدون أجر: كما يشيع في كثير من الأحيان في العمل الزراعي، وبخاصة في حالة الحيازات الزراعية الأسرية، حيث تعمل المرأة إلى جانب أفراد الأسرة الآخرين في الإنتاج النباتي أو الحيواني لتقليل الاعتماد على العمال المأجورين، وقد تكون المرأة عاملة أو مسئولة عن إدارة هذا العمل الذي يمكن أن يندرج تحت مظلة منشأة متوسطة أو صغيرة أو أن يبقى خارجاً عن مثل هذه المظلّة. وتتفاوت في ضوء ذلك مدى الاستفادة من الخدمات المساندة وطبيعتها وإطارها القانوني.
3- العمل التطوعي: الذي يتم عن طريق الجمعيات الخيرية والتعاونيات والهيئات النسائية المختلفة، ومن النماذج الشائعة لمثل هذا العمل قيام امرأة أو مجموعة من النساء بإنشاء جمعية خيرية أو هيئة نسائية. ورغم أهمية هذا العمل، فقلما تنطبق عليه المعايير والشروط التي تنطبق على المنشآت المتوسطة والصغيرة بمفهومها الاقتصادي الرسمي، فالتشريعات التي تنظمها ذات صبغة اجتماعية وليست اقتصادية، وبالتالي فإن مصادر الخدمات المساندة التي تحصل عليها تختلف في كثير منها عن مصادر الخدمات والتسهيلات المتاحة للمنشآت المتوسطة والصغيرة.
ثانياً: عمل المرأة داخل المنزل:
يمكن تقسيم الأعمال والمهام التي تتولاّها المرأة داخل المنزل إلى الأنواع الرئيسة التالية:
1- الأعمّال المدرّة للدخل (income generating): وهي مشروعات ومنتجات وخدمات تدرّ دخلاً على الأسرة. ومن الأمثلة على هذه الأعمال الصناعات المنزلية كتصنيع الأغذية والمنسوجات والإنتاج النباتي والحيواني ومنها أيضاً خدمات الحضانات المنزلية. ومن الأمثلة الأكثر حداثة "إنتاج البرمجيات الحاسوبية"، والاستشارات، والقيام بالأنشطة الإنتاجية عن بُعد باستخدام الشبكة الالكترونية "الانترنت". وتتم عمليات التصنيع والإنتاج والتجهيز داخل المنزل، كما يتم تسويقها بشكل مباشرة للمستهلك، أو عن طريق الوسطاء. ورغم أن كثيراً من هذه الأعمال يتم تنظيمها وممارستها ضمن معايير وشروط اقتصادية، إلا أنها لا تندرج في العادة تحت مظلة المنشآت، وإن كانت تندرج تحت مظلة المشروعات.
2- الأعمال المقتصدة (الموفّرة) للنفقات (income saving): وهي مشروعات ومنتجات وخدمات تقدمها المرأة داخل المنزل لمنفعة الأسرة. وبدون ذلك تضطر الأسرة إلى الحصول على هذه المنتجات والخدمات مقابل الثمن من خارج المنزل. ومن الأمثلة الشائعة على ذلك في المجتمعات العربية صنع الملابس وإنتاج الأطعمة وتربية المواشي والطيور وزراعة الحدائق وأعمال الصيانة وغير ذلك. ومع أنه يتوافر في كثير من الأحيان خدمات وتسهيلات مباشرة لمساعدة المرأة في تنظيم هذه الأعمال وإداراتها، ولكن ذلك يتم في العادة عن طريق مؤسسات اجتماعية نظراً لأنها لا تندرج تحت مظلة المنشآت المتوسطة والصغيرة.
3- الأعمال والمهام التقليدية في الأسرة: كتربية الأطفال وتجهيز الطعام والتعامل مع الأجهزة والأعمال المنزلية الأخرى. وينطبق على هذه الأعمال ما ينطبق على الأعمال المقتصدة للنفقات من حيث طبيعة ومصادر الخدمات والتسهيلات المباشرة التي يمكن أن تستفيد منها المرأة.
ساحة النقاش