"هرمون" كلمة من أصل يوناني معناها" لتنعش"، والانسولين هرمون من هرمونات كثيرة تدور في مجري الدم منعشة في دورتها بمختلف أعضاء الجسم، ومستحثة إياها علي مواصلة النشاط. وقد بحث العلماء في الهرمون، ودرسوا أنواعه، واجروا التجارب والأختبارات، وعلموا ما خفي من أموره، وعينوا أنواعه، ولم يتركوا شاردة أو واردة دون بحث وتجربة واختبار.

وكان لها الغاز ومعميات، فذللوها، وفككوا عقدها. والناس إن كان الواحد أضخم أو أضأل من المعدل، أثاروا الدهشة، ورسموا علامات السؤال- لم هذا أضخم، ولم ذاك أدق عودا؟ لم هذا أكثر طولا، وهذا أقصر بمقدار كبير؟ ولسنين كثيرة مضت على الإنسان، اعتبر اثناءها المارد والقزم موضوع قصة خيالية أو أدنى الخيال، كقصة رحلات غوليفر.

أما اليوم فالفرق الشاسع في الحجم أضحى موضوعا علميا يوسعه العلماء درسا وبحثا. وعرف الأطباء أن هذا ينتج عن زيادة في الهرمونات أو نقص، والعامل الأساسي الذي يقرر هي الغدة النخامية- الغدة الصماء التي يبلغ حجمها حجم حبة البسلى، مستوية في قاعدة الدماغ. ولا يكاد الانسان يصدق أن كمية ضئيلة من هرمون واحد تستطيع تقرير حجمنا وشكلنا. ولكنها في الواقع هي بالذات التي تقرر.

فالافراز الغزير للغدة النخامية والانسان صغير السن، ينتج عنه استمرار العظام الطويلة في النمو والامتداد ولو كان المفروض ان يتوقف النمو والامتداد. وقد عاش أشخاص نمو حتى اصبحوا كالعمالقة، وهم لم يبلغوا السنة السابعة عشرة من عمرهم. منهم من تجاوز الثماني أقدام طولاً. والعجز إذا بالغدة النخامية أثناء الصغر قد ينتج عنه توقف النمو قبل الأوان بمدة طويلة. ولهذا نجد بيننا أقزاماً طولهم أقل من ثلاث أقدام.
يبدو أن العمالقة والأقزام قلة لا يؤبه لها. ومع ذلك فكل خلل يطرأ على الغدة النخامية يجعل المرء سميناً، أو يجعله نحيلاً هزيلاً، يجعله طويلاً أو يجعله قصيراً. ونلتقيهم في كل يوم، في كل مكان، والصور في الرسم مثل من أمثلة الطول والقصر والجهامة.. دانتي الشاعر الطويل الرفيع العود.. بلخ مؤلف الموسيقى القصير المكتنز.. هرقل أسطورة الرجل الرياضي المتين القوي المفتول العضل..
ثلاثة على طرفي نقيض في جسده وبنيته.

ومع ذلك فالهرمونات ليست المسئولة عن كل فرق يحدث في الحجم . فزيارة إلى متحف الدروع قد تجعلك تعتقد بأن فرسان القرون الوسطي نقصتهم الهرمونات، لأن دروعهم الكاسية لأجسامهم لن تناسب رجلا معتدل القامة، وقد يكون سبب ذلك الطعام الذي كانوا يأكلونه وليس الهرمونات. فرجال القرون الوسطي كانوا يبلغون في حجمهم وطولهم ما نبلغه نحن، ولكن النبلاء أقبلوا يومها علي الأطعمة اللحمية غير المتوازنة أكثر من إقبالهم علي سواها من المآكل.

وللهرمونات دورها في حياة الحيوانات الأخري إلي جانب دورها في حياة الإنسان، فعلماء الاحياة اكتشفوا أن الهرمونات تتحكم بالطريقة التي تستبدل فيها بعض الحشرات جلودها. وبينوا لنا أن حمار قبان(دويبة صغيرة) تستطيع ان تعيش أشهرا من غير رأس، ولكنها في هذه الحالة التي لا تحسد عليها لا تستطيع استبدال إهابها مرة أخري. ومع ذلك إن نقل إليها دم دويبة سليمة الجسم من نوعها، فلن تلبث أن تستأنف نشاطها وتجدد أنسجة جلدها القديم. ففي رأس هذا النوع من الحشرات غدة تفرز الهرمون الذي يتحكم بخلايا تكوين الجلد.

وإذا عقدت خيطا حول يرقانة قبل أيام من تحولها إلي خادرة( الطور الذي يعقب اليرقانة)، فلن ينتقل الدم بصورة جيدة بين جزءيها الأمامي والخلفي، وبذلك لا يتحول إلي خادرة إلا جزؤها الذي في مقدمتها، والسبب هو الهرمونات التي تفرزها مقدمة جسم اليرقانة.

واكتشاف العلماء الغدة التي تفرزها. ومتي زرع منها جزء صغير في مؤخر" النصف الخادرة والنصف اليرقانة"، يصبح الطرفان خادرة في شكلها المعروف رغم ضغط الخيط.

وللنبات أيضا غدد تفرز المواد التي تتحكم بنموها ونمو زهرها. إحدي هذه المواد استخلصت من زعفران الخريف وحقنت في الأرنب. فنمت الأرانب المحقونة إلي حجم يزيد ثلاثة أضعاف عن حجمها الطبيعي، ولكنها لم تكن قادرة علي إقامة مهادها.

علي أن الوقت لم يأرف بعد لاستيلاد خرفان في حجم الفيلة، فنساعد بذلك على حل أزمة الغذاء العالمية!

المصدر:

  • كتاب الحياة وعجائبها / إميل خليل بيرس
yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 391/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
130 تصويتات / 3788 مشاهدة
نشرت فى 16 إبريل 2009 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر