يتجلى التحدي العالمي الذي يواجه الطاقة اليوم في ثلاثة مجالات، تتلخص في النقاط التالية:
ارتفاع أسعار الطاقة:
للمرة الأولى منذ عام 1973، يشهد العالم حالياً مزيجاً من الارتفاع القياسي في أسعار النفط والغذاء. وهو العامل الذي زعزع استقرار الاقتصاد العالمي، ولاسيما في أشد البلدان فقراً بسبب آثار هذا الارتفاع التي قد تكون حادة في مجالات النمو والتضخم والتوزيع، ويؤدي ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة إلى قدر كبير من إعادة توزيع الدخول من المستهلكين إلى المنتجين، ويترك آثارا سلبية ضخمة على كثير من الأسر.
وعلى وجه الخصوص، فإن ارتفاع أسعار الطاقة يؤدي إلى زيادة أسعار كل السلع تقريباً وينذر بضياع سنوات من التقدم الذي تحقق في الحد من الفقر في البلدان النامية وكذلك التقدم نحو بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية.
إن الطلب العالمي على الطاقة، حسبما ترى الوكالة الدولية للطاقة، سيزيد أكثر من 50 في المائة في عام 2030 عما هو عليه اليوم، فيما يرجع أساساً، إلى النمو في الصين والهند حيث من المتوقع أن يتضاعف الطلب على الطاقة، ومن المحتمل أن يؤدي الطلب السريع النمو على الطاقة إلى ضغوط تجاه ارتفاع أسعار الطاقة ومدى توفرها، الأمر الذي سيثير مزيداً من القلق بشأن أمن الطاقة على المدى الطويل.
تعذر الحصول على الطاقة من أجل التنمية:
مازال أكثر من 1.5 مليار شخص محرومين من الكهرباء اليوم، إذ يتمتع 26 في المائة فحسب من سكان أفريقيا جنوب الصحراء (550 مليوناً)، و54 في المائة في سكان جنوب آسيا ( 600 مليون) بالقدرة على الحصول على الكهرباء ومازال أكثر من 2.5 مليار شخص يعتمدون على الحطب والكتلة الحيوية في الطهي والتدفئة.
وفي ظل السياسات ومستويات الاستثمار الحالية "المعتادة"، تشير التقديرات إلى أن 1.4 مليار شخص سيتعذر عليهم الحصول على الكهرباء في عام 2030، وأن 2.5 مليار شخص سيعتمدون على مصادر وقود الكتلة الحيوية غير المستدامة، وتذهب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة إلى أن الاحتياجات السنوية الأساسية للاستثمار في الطاقة في البلدان النامية ستبلغ في المتوسط حوالي 450 مليار دولار خلال السنوات الخمس والعشرين القادمة، ويتوفر التمويل اللازم لنحو 60 في المائة من هذه الاستثمارات.
تغير المناخ والطاقة:
إذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن الطلب المتزايد على الطاقة سيؤدي إلى زيادات كبيرة في الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون. وعلى الرغم من أن نسبة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ستظل الأعلى من حيث نصيب الفرد في هذه البلدان، فإن زيادة هذه الانبعاثات في العقود القادمة ستأتي في معظمها من الاستهلاك الكلي للطاقة في البلدان النامية.
وتعتبر البلدان النامية، ولاسيما الفقيرة منها، أكثر البلدان عرضة للتدهور البيئي وآثار تغير المناخ. ويقيد التأخر في خفض انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، ولاسيما من قطاع الطاقة، تقييداً كبيراً فرص خفض هذه الانبعاثات ومن المرجح أن يزيد من المخاطر التي ستنجم عن زيادة حدة آثار تغير المناخ (وربما يجلب آثارا لا علاج لها) وتكلفة التكيف معها . وقد تضيف احتياجات قطاع الطاقة للتحول إلى مسار للتنمية ذي انبعاثات منخفضة من الكربون عشرات المليارات من الدولارات إلى مشكلة الاستثمار المذكورة آنفاً.
ساحة النقاش