كثيرا ما نخطئ عندما نعين الاتجاه الذي يأتي منه الصوت بدلا من تعيين المسافة التي تفصلنا عن مصدر الصوت.
أن الأذنين تميزان بوضوح صوت الطلقة القادم من اليمين أم من اليسار. ولكنهما غالبا ما تعجزان عن تحديد موقع مصدر الصوت إذا كان واقعا أمامنا أو خلفنا تماما, وذلك لان الرصاصة التي تطلق من الأمام كثيرا ما تسمع وكأنها قد أطلقت من الخلف . أننا في هذه الحالات نستطيع فقط _تبعا لقوة الصوت _أن نميز الطلقة القريبة .
واليكم التجربة التالية التي نستطيع أن نتعلم منها الشيء الكثير.
نربط عيني احد الأصدقاء ونجلسه في وسط الغرفة ونطلب منه أن يجلس بهدوء وإلا يدير رأسه. ثم نأخذ بيدينا قطعتين من النقود ونقرع إحداهما بالأخرى مع المحافظة على وضعهما طول الوقت في المستوى العمودي التخيلي الذي يمر بين عيني ذلك الصديق, ويقسم رأسه إلى نصفين متساويين . ثم اطلب من صديقك تعيين موقع قطعتي النقود الرنانتين فإذا كان الرنين صادرا من إحدى زوايا الغرفة , فإن ذلك الصديق سيشير إلى الزاوية المقابلة لها تماما! وإذا حرفنا القطعتين الرنانتين عن المستوى المذكور فإن الخطأ سوف لا يكون كبيرا في هذه الحالة, وهذا شيء مفهوم ذلك لان الأذن القريبة سيسمع الصوت بصورة أسرع قليلا وأعلى من السابق وبفضل ذلك يستطيع الصديق المذكور تعيين مصدر الصوت.
وهذه التجربة توضح لنا بالمناسبة لماذا يصعب علينا تعيين موضع الصرصور الذي يصوت في العشب. أن الصر صرة الحادة تسمع على بعد خطوتين منا إلى يمين الطريق . ونوجه نظرنا إلى مصدر الصوت ولكننا لا نرى شيئا بل نسمع الصوت آتيا من الجهة اليسرى للطريق . وعندما ندير رأسنا إلى تلك الجهة نسمع الصوت آتيا من جهة ثالثة مختلفة. وكلما أدرنا رأسنا بسرعة إلى الجهة التي ينبعث منها الصوت كلما خفت(تهادت) قفزات ذلك الموسيقى المختفي . ولكن في الحقيقة تكون الحشرة جالسة في مكان واحد.أما قفزاتها المدهشة فهي من بنات أفكارنا وتصوراتنا الناجمة عن خداع السمع. أن الخطأ الذي نرتكبه هنا, يتلخص في أننا ندير رأسنا بطريقة تجعل الصرصور يقع في مستوى التماثل العمودي لرأسنا .وفى هذه الحالة كما نعلم, يسهل الوقوع في الخطأ عند تعيين اتجاه الصوت.إذ أن صر صرة الصرصور تنبعث أمامنا ولكننا نعتقد خطأ بأنها تنبعث من الجهة المقابلة.
ومن هنا نتوصل إلى النتيجة العملية التالية:
إذا أردنا تحديد المكان الذي تنبعث منه صر صرة الصرصور وتغريد الطير وما شابه ذلك من الأصوات القادمة من بعيد فلا يجب أن ندير وجوهنا نحو الصوت بل نديرها إلى جهة أخرى مختلفة. وبالمناسبة, فإننا نقوم في الواقع عندما (ننصب أذنينا) كما يعبر عن ذلك.
المصدر:
- كتاب الفيزياء المسلية (ياكوف بيريلمان)
ساحة النقاش