التساؤل : هل يعتبر ختان الإناث من الجرائم العمدية؟
الرد : تقسم الجرائم بالنظر إلى الركن المعنوى فيها إلى نوعين: جريمة عمدية وأخرى غير عمدية.
والجريمة العمدية هى تلك التى يتوافر فيها القصد الجنائى بعنصرية العلم والإرادة ويقصد بالعلم أن الجانى يدرك تمام الإدراك أنه يقوم بسلوك يجرمه القانون لمخالفته لـه وللنظام العام والآداب. ويقصد بالآرادة أن الجانى قد ذهبت إرادته لإتيان هذا السلوك المجرم أى أنه قد قام به عامداً.
أما الجريمة غير العمدية، فهى تلك التى لا يتوافر فيها عنصر الإرادة، أى أن الجانى لم يتعمد ارتكاب السلوك الإجرامى وإنما ارتكبها عن خطأ قد يتمثل إما فى رعونة أو إهمال أو عدم احتراز
وبتطبيق ما سلف على سلوك الختان، نجد أنه يعتبر من الجرائم العمدية. فبما أن كل من يمارس الختان يعلم أنه يحدث للفتاة جرحاً وأنه يقوم بذلك قاصداً إتيان هذا السلوك، بالتالى تنطبق عليه أحكام جريمة الجرح العمدى وكذلك جريمة هتك العرض.
ولا عبرة هنا برضاء المجنى عليها أو رضاء ولى أمرها، أى أن العقوبة توقع حتى ولو وجد الرضا ولو وجد اتفاق بين المجنى عليها أو ولى أمرها والشخص الممارس للختان.
ولا عبرة بالباعث الدافع إلى ارتكاب الفعل المجرم، أى السبب الذى دفع إلى القيام بعملية الختان فلا عبرة بسلامة نية ممارس الختان حتى ولو كان يعتقد ان فيه صالح المجنى عليها.
التساؤل : هل هناك فارق فى التجريم أو العقوبة إذا ما كان من قام بعلمية الختان طبيب أو قابلة (داية) أو غيرهم ممن يقومون ببعض الأعمال الطبية
الرد :
للوقوف على المسئولية القانونية الجنائية والمدنية لمن يقوم بممارسة ختان الإناث سواء أكان طبيباً أو قابلة أو غيرهم ممن يقومون ببعض الأعمال الطبية، لابد أولاً من تحديد الشروط القانونية الواجب توافرها لقياس سبب إباحة المساس بجسم الإنسان وسلامته وهو السبب المتمثل فى "مباشرة الأعمال الطبية".
تتمثل هذه الشروط فى الأتى:
أولاً:الترخيص القانونى بمزاولة المهنة
ويقتضى قيام هذا الشرط أمرين:
- الحصول على بكالوريوس الطب والجراحة.
- الحصول على ترخيص الجهة المختصة بمباشرة المهنة (نقابة الأطباء).
فالأصل العام أن مباشرة الأعمال الطبية والتى تعد سبباً مبيحاً للمساس بجسم الإنسان إنما قاصرة على الأطباء فقط دون غيرهم لأنهم وحدهم الذين يتوافر فيهم الشرطان السابقان.
وإن كان القانون قد أجاز – على سبيل الاستثناء – لغير الأطباء مباشرة بعض الأعمال الطبية وبالتالى يقوم فى حقهم سبب الإباحة سالف الذكر ولكن فى حدود ما أجازه القانون لهم من هذه الأعمال ليباشرونها. ومن هؤلاء القابلات والدايات والممرضات.
ثانياً: رضاء المريض
حتى يكون العمل الطبى مباحاً، لابد من رضاء المريض به. وحتى يقوم هذا الشرط، يجب ان يكون الرضاء الصادر من المريض بخضوعه للعمل الطبى رضاءاً صحيحاً غير معيب.
فإن وقع المريض فى خطأ أو تدليس أو إكراه، بحيث لم يكن على علم بماهية العمل الطبى أو التدخل الجراحى الذى يخضع له، كان رضاؤه فى تلك الحاجة باطلاً لا يعتد به. كذلك هو الحال إذا كان المريض ناقص الأهلية كالقاصر أو عديمها كمن دون السابعة فلا عبرة بالرضاء الصادر عنه أيضا.
وبتطبيق ماسلف على فعل ختان الإناث، لا يعتد بالرضاء الصادر عن الفتاة – إن وجد – وكذلك الرضاء الصادر عن وليها أو متولى أمرها، لأن سلامة جسم الإنسان تعد من قبيل المصلحة العامة التى لا يجوز لفرد من أفراد المجتمع المساس بها.
ثالثاً: قصد العلاج:
لا يعتبر العمل الطبى مشروعاً قانوناً إلا إذا قصد به علاج المريض. فإذا زال هذا القصد أو انتفى، زال سبب الإباحة الذى يسمح للطبيب مباشرة أى عمل طبى على جسد المريض.
ولما كان من الثابت علمياً أن ختان الإناث لا يجرى للعلاج من مرض أو الشفاء من داء وإنما يتمثل فى بتر أجزاء سليمة وطبيعية من الجهاز التناسلى للأنثى، كما أنه لا يدرس فى أى من المناهج العلمية فى كليات الطب، من ثم لا يقوم هذا الشرط الأخير، وبالتالى لا تعد ممارسة ختان الإناث من قبيل مباشرة الأعمال الطبية التى تبيح المساس بسلامة جسد الإنسان.
نخلص مما سبق، إلى أن انتفاء سبب الإباحة الذى يستند إليه البعض عند ممارسة ختان الإناث بادعائهم أنه من قبيل الأعمال الطبية يترتب عليه قيام المسئولية القانونية الجنائية والمدنية لكل من يمارس تلك الممارسة السيئة على حد سواء طبيباً كان أم ممن رخص لهم القانون مباشرة بعض الأعمال الطبية على سبيل الاستثناء.
ويتمثل قيام المسئولية الجناية لممارس ختان الإناث، كما أسلفنا، فى قيام مسئوليته عن جريمتى هتك العرض والجرح العمدى. وكذلك تقوم مسئوليته المدنية بالتعويض عن كافة الأضرار المادية والنفسية التى تصيب الفتاة من جراء هذه الممارسة.
ساحة النقاش