إذا كانت صحتك البدنية مهملة في النظام الصحي عمومًا فإن صحتك النفسية نادرًا ما تكون محط اهتمام الآباء أو برامج الصحة المدرسية. مع أن المنطقي توقع حدوث مشكلات نفسية في مرحلة المراهقة مصاحبة لما يحدث من تغيرات بدنية وجنسية ونفسية واجتماعية.

الاضطرابات النفسية:
لا يخفى أن الصحة النفسية للمراهقين مهمة جدًا إذ إنها تؤثر إلى حد بعيد في أنماط سلوكهم عند البلوغ غير أن هذه الحقيقة الهامة لم تسترع انتباه المسئولين عن صحة المراهقة، ومن الأعراض الشائعة بين المراهقين: الاضطرابات المتمثلة في نقص الانتباه واضطراب الشخصية والمعاندة واضطراب التصرف والاضطرابات الوجدانية مثل تقلب المزاج، والقلق، والاكتئاب، والاضطراب المعرفي، والتخطيط، وتوهم المرض والصرع واضطرابات النوم وفقد الشهية العصبي والنهام (النهم المرضى) والقلق وانفصام الشخصية إلى جانب الإدمان العقاقير المخدرة.

مرض الاكتئاب:
كلمة الاكتئاب depression تستعمل كثيرًا في الحوارات اليومية على أنها صفة تسبغها على نوبة حزن، أو تقلب في المزاج أو امتعاض أو ضيق بالحياة يدوم عدة أيام.

وليس شيء من هذا هو مرض الاكتئاب لان مرض الاكتئاب هو حالة مرضية محددة تشخص سريريًا (إكلينيكيًا) من قبل الأخصائيين في علم النفس أو الطب النفسي.

ومرض الاكتئاب احتل الصدارة بسرعة كمرض نفسي بين المراهقين والمراهقات، وهو يصيب الإناث أكثر مما يصيب الذكور بنسبة 2:1، وهو مرض خطير قد يؤدى إلى تعاسة الحياة وعدم القدرة على العمل، وقد ينتهي بالانتحار، وقد زادت حالات الانتحار بين المراهقين في الغرب بشكل مزعج حيث نجد أن محاولات الانتحار أكثر شيوعًا بين الإناث بينما يشيع الانتحار الفعلي بين الذكور.
ولكن لا شك أن التربية على الإيمان بالله فيها أمان ووقاية لشبابنا من الاتجاه على هذه الفكرة المدمرة.

الأعراض التي لابد من تواجدها لتشخيص مرض الاكتئاب:
أقرت جمعية الطب النفسي الأمريكي عام 1994 بوجود خمسة على الأقل من الأعراض الآتية لمدة أسبوعين أو أكثر لتشخيص مرض الاكتئاب بحيث تمثل تغيرًا في الحالة النفسية أو السلوك عما سبق على أن يكون العرضان 1، 2 ضمن الخمسة المطلوبة.

  • اكتئاب المزاج المستديم معظم اليوم كل يوم تقريبًا، وفى الأطفال والمراهقين يأخذ شكل تهيج.
  • فقد الاهتمام بالأنشطة التي كانت مصدر إمتاع من قبل بشكل مستديم.
  • تغير ملحوظ في الوزن (نقص الوزن أو زيادته) بدون تغيير النمط الغذائي أو بدون تعمد النقص أو الزيادة (أكثر من 5% من وزن الجسم في ظرف شهر).
  • اضطرابات النوم (إما الأرق أو الإفراط في النوم ) كل يوم تقريبًا.
  • هيجان نفسي حركي أو إحباط كل يوم تقريبًا.
  • الشعور بالتعب أو فقد الطاقة كل يوم تقريبًا.
  • الشعور بالتفاهة والشعور بالذنب.
  • نقص القدرة على التركيز والتفكير أو أخذ القرار بشكل دائم.
  • شعور متكرر بالقرب من الموت أو التفكير في الانتحار.

ملاحظة مهمة:

يجب أن لا تكون هذه الأعراض نتيجة لتناول المخدرات.

العلاج:

  1. العلاج النفسي والتحليل النفسي.
  2. هناك مجموعة كبيرة من الأدوية المضادة للاكتئاب ولكنها يجب أن تعطى تحت إشراف طبيب متخصص، ويجب أن لا تؤخذ حسب نصيحة القرناء أو غير المتخصصين لأن بعضها له مضاعفات جانبية، وقد يؤدى إلى إدمان استعماله، وكذلك هناك العلاج بالصدمة الكهربية.
  3. العلاج الإيماني للحالات النفسية: معظم الحالات النفسية يمكن معالجتها بالإيمان والصبر والثقة بالله والرضا بالقضاء والقدر؛ قال تعالى (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [سورة التغابن: 11]، وقال تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [سورة الحديد: 22- 23]، وقال صلى الله عليه وسلم موصيا بالصبر حتى يأتي الفرج من عند الله: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، واعلم أن النصر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا) رواه الترمذي عن ابن عباس ، وقال تعالى: (فاصبر صبرًا جميلا ) سورة المعارج، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من يتصبر يصبره الله) متفق عليه عن أبى سعيد الخدري.
  4. ومن العلاج التحدث مع المتدينين واختيار الرفقاء الصالحين، وكذلك الصلاة والدعاء وقراءة القرآن، قال تعالى: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) [سورة الرعد: 28]، وكذلك الاندماج مع العائلة والأقارب.
  5. والعلاج الإيماني أكبر واقٍ من الانتحار بين المراهقين إذ يستمعون إلى قوله تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم) [سورة النساء: 29]، وقوله سبحانه: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) [سورة البقرة: 195]. ومن المهم أن نلاحظ أن معظم حالات المرض النفسي يمكن معالجتها إذا شخصت بصورة صحيحة، كما أن المرض النفسي لا يعنى الجنون الذي هو تشخيص محدد لمرض معين.

قلق المراهقين من البلوغ:
قد يشعر المراهق بكثير من القلق الذي قد يبلغ حد الاكتئاب أحيانًا عندما تطرأ على أجسامهم تغيرات لا يتاح لهم الفرصة لتفسيرها على النحو الصحيح. ولا يخفى أن التوعية المناسبة في جميع هذه الحالات تؤدي إلى التغلب على الآثار الضارة لمثل هذا القلق.

التفرقة في المعاملة بين الفتيان والفتيات:
إن تفضيل جنس على آخر هو من السمات الشائعة في كثير من البلدان النامية، ويلاحظ أن كلا من التمييز المعلن أو المستتر ضد الفتيات شائع في كثير من بلدان هذا الإقليم. ويندد القرآن بمشاعر الخزي والعار وخيبة الأمل التي قد يعبر عنها أي من الأبوين إذ بشر بالأنثى. وقد يتجلى هذا الشعور في ما بعد بشكل تمييز فعلى ضد الفتيات من حيث المعاملة والوضع الاجتماعي، بل من حيث توزيع الطعام في الأسرة، وتحس الفتاة المراهقة بهذه التفرقة الدائمة إحساسًا مؤلمًا، وهذا الشعور بالمرارة لدى الأنثى والذي يبدأ في الطفولة يبقى معها وهى فتاة مراهقة ثم وهى شابة يافعة. وليس يخفى أن هذه التفرقة ترتكز على عوامل جاهلية، وأن الدين يستنكرها كل الاستنكار.

العوامل الإيجابية للصحة النفسية:
في بلداننا عقائد متأصلة يمكنها أن تقي - جزئيًا على أقل تقدير- من الاضطرابات النفسية، ونورد بعضها فيما يلي:

  • الإيمان بالقضاء والقدر والقناعة بأنه (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) [سورة التوبة: 51]، وأنه لا اعتراض على ما كتب الله مما يخفف من الشعور بالكرب، ويمنح السكينة .
  • تسوية ما ينشأ بين الناس من شقاق ونزاعات قد تنجم عنها ضغوط نفسية.
  • قلة انتشار المسكرات والمخدرات.

المصدر:

  • سلسلة التثقيف الصحي للمراهقين/ المجلس القومي للأمومة والطفولة.
yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 408/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
133 تصويتات / 10187 مشاهدة
نشرت فى 11 نوفمبر 2008 بواسطة yomgedid

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر