الإسلام هو الدين الذي أوحى به الله سبحانه وتعالى إلى نبيه ورسوله محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - حين أنزل عليه القرآن مصدقاً لما كان موجودًا عند نزوله من التوراة والإنجيل، فهو رسالة السماء الخاتمة الجامعة لما فيه الخير والصلاح للإنسان، في دنياه وأخراه إلى يوم الدين. فقد بعث الله محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولا للعالمين، ولم يبعثه لقومه العرب دون غيرهم.
قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)، وقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا)، وقال سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
وأكد الإسلام الوحدة والمساواة بين أجناس البشر وشعوبهم وقبائلهم، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
وقد بلَّغ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الرسالة في حجة الوداع، وقال ما خلاصته: "إن ربكم واحد، ليس لعربي على عجمي فضل إلا بتقوى الله". وهذه الوحدة الإنسانية تتضمن الدعوة إلى التآلف بالتعارف، وإلى ترك العداوة.
ومن المبادئ الثابتة في الإسلام مبدأ التسامح، وأن الإنسان مكرم بحكم أنه إنسان، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
والانتساب لآدم وحواء يجعل هناك صلات قربى ورحم تجعل من الناس جميعًا أسرة واحدة في شبكة واسعة؛ فكلنا أبناء آدم وحواء وتجمعنا الإنسانية، ومن هذا المنطلق لابد أن تُصاغ العلاقات بين الناس، وتتشعب الأسرة الإنسانية في أرجاء الأرض، ولأن خالقها سبحانه وتعالى يذكرها في قوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وكلمة (لتعارفوا) في الآية تحمل معنيين:
الأول: أن يعرف بعضكم بعضًا، والمعنى الثاني: أن تتعاملوا فيمن بينكم بالمعروف. ومفهوم التعارف واسع يمكن أن يشمل كل المعاني التي تدل على التعاون والتعايش، ويمكن أيضاً أن يستوعب التعارف: قيم الحوار، والجدل بالتي هي أحسن، والاحترام المتبادل.
وهكذا نرى أن الإسلام - وهو الدين الذي يدين به حوالي 90% من المصريين - يقوم على مبادئ الإخاء والتعايش السلمي مع سائر المواطنين في المجتمع مهما كانت ديانتهم، طالما التزمنا جميعًا بنظام الدولة التي نحيا فيها معًا.
إن المراد من التعايش الديني، أو التعايش الحضاري أن يتفق أهل الشرائع السماوية (الإسلام - المسيحية - اليهودية) في العمل من أجل أن يسود الأمن والسلام العالم، وحتى تعيش الإنسانية في جو من الإخاء والتعاون على ما فيه الخير الذي يعم بني البشر جميعًا، من دون استثناء.
لقد وضح لنا أن التعايش بين الأديان يستند إلى أربعة أسس هي:
- الإرادة الحرة المشتركة.
- التفاهم حول الأهداف والغايات.
- التعاون على العمل المشترك من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها، ووفقًا لخطط التنفيذ التي يضعها الطرفان الراغبان في التعايش المصممان عليه.
- المحافظة على هذا التعايش بسياج من الاحترام المتبادل، ومن الثقة المتبادلة أيضًا.
المصدر:
- إبراهيم بن حبيب الكروان السعدي - بتصرف
المراجع:
- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، طبعة دار الفكر.
- محمد رشيد رضا "الوحي المحمدي"، مكتبة القاهرة، الطبعة السادسة 1960م، والعنوان الكامل لهذا الكتاب: (الوحي المحمدي.. ثبوت النبوة بالقرآن ودعوة شعوب المدنية إلى الإسلام دين الأخوة والإنسانية والسلام).
- د.حسان حتحوت "رسالة إلى العقل العربي المسلم"، دار المعارف، القاهرة، الطبعة الأولى 1998م.
- محمد قطب "حول التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية"، دار الشروق، الطبعة الأولى 1998م.
ساحة النقاش