إعداد / أشرف عبد الرءوف
يهتم علم الفلك بالأفلاك والكواكب وأبعادها وحركاتها وما إلى ذلك .. وقد كان هذا العلم من أحب العلوم إلى العرب، فالنجوم هي دليلهم في الصحراء، كما اهتموا بمعرفة أحوال الجو والرياح على مدار السنة، لتحديد مواعيد الرحلات التجارية والمناسبات الدينية والاجتماعية.
ولقد كان للخلفاء دور واضح في هذا التقدم؛ فكان الخليفة العباسي المأمون يرعى نهضة العلم، فأقام المراصد، ورفع من شأن العلماء الذين نجحوا في مراجعة جداول بطليموس الفلكية، وحددوا ميل الشمس بشكل دقيق، كما حددوا اتجاه القبلة في جميع البلاد الإسلامية باستخدام الفلك والرياضيات، كما عرفوا أن ضوء القمر مستمد من الشمس.
ولم تقتصر ممارسة المسلمين لعلم الفلك على متابعة آراء السابقين، فقد كان ذلك في البداية، إلا أنه منذ القرن التاسع الميلادي بدأت مرحلة الابتكار .. وكان أهم ما تميزت به هذه المرحلة: وضع الأزياج، والأَزْيَاج جمع كلمة ( زِيج)، وهي كلمة فارسية تعني : الجداول الفلكية التي تحسب أبعاد الأفلاك عن بعضها في الأوقات المختلفة من السنة .
ومن أشهر المؤلفات في علم الفلك، ما ألفه أبو عبد الله محمد بن جابر، المعروف ب " البتاني" (المتوفي 929م)، وهو كتاب ( الزيج الصابي) في علوم الفلك والأرصاد، وكان أول زيج يحتوي على معلومات صحيحة دقيقة مما جعل له أثرًا كبيرًا في تطور علم الفلك عند العلماء الأوربيين الذين عرفوا البتاني باسم " الباتيجينوس" .
كما كان لأبحاث الحسن بن الهيثم ( المتوفي 1038م ) عظيم الأثر في مسيرة علم الفلك، فقد أثبت أن النجوم لها أشعة خاصة ترسلها، وأن القمر يستمد نوره من الشمس.
وألف البيروني كتابه (القانون المسعودي في الهيئة والنجوم)، وعلم الهيئة هو الاسم القديم لعلم الفلك.
ولقد قام علماء المسلمين باختراع العديد من الأجهزة الدقيقة التي تستخدم في عمليات الرصد، مثل المِزْوَلَة الشمسية، والساعة المائية، وهما يستخدمان لقياس الوقت وتحديد الزمن. ومثل الأَسْطُرلاب الذي يحدد الارتفاع، كما يستخدم لمعرفة الزمن .
وصنع محمد بن إبراهيم الفزاري (المتوفي 796م) أسطرلابًا، وألف فيه كتابا أسماه (الأسطرلاب المسطح).
وهكذا نتأكد أن الإسلام كان - ومازال - دافعًا للمسلمين ليأخذوا بالعلم النافع ويطوروه، ويسهموا فيه إسهامًا رائعًا، ويرفضوا الدجل والعلم الفاسد، الذي يغضب الله ولا يفيد البشرية، بل يصيبها بالأضرار الجسام .
ساحة النقاش