دعت الأمم المتحدة دول العالم إلى التعاطي الجدي مع أزمة المياه العالمية والتزام السعي للوصول إلى مواجهة سلبيات النقص، الذي يصبح حاداً في إمدادات المياه العذبة ونوعيتها.

وأكد تقرير صدر مؤخراً عن البرنامج العالمي لتقييم إمدادات المياه، العامل في إطار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) أن حصة الفرد من المياه العذبة تدنت بنسبة الثلث خلال عقدين بين العام 1985 والعام 2005، وهي مرشحة للتراجع بنحو الثلث خلال السنوات العشرين المقبلة، وبيَّن التقرير أن نصف سكان الدول النامية يستخدمون مياهاً ملوثة، وحذر من استمرار التدفق اليومي لمليوني طن من النفايات إلى مجاري المياه السطحية والبحيرات العذبة، مؤكداً أن 19% من الوفيات حول العالم ناتجة عن الأمراض المتصلة بتلوث المياه، وهي تحصد من الضحايا أكثر مما يحصد الإيدز، إذ يموت سنوياً نحو مليونين و200 ألف إنسان جراء أمراض يسببها تلوث المياه.

ويرى التقرير أن أزمة المياه تطول الكمية والنوعية، وهي مؤشر إلى غياب الإرادة السياسية لإدارة مستدامة للموارد المائية، مشيراً إلى القلق المتزايد من الحروب على المياه، ومن تأثر ما بين مليارين وسبعة مليارات إنسان من ندرة المياه حتى سنة 2050، تبعاً للإجراءات التي سوف تتخذ من الزعماء السياسيين.

سوء تغذية وهدر في الري:

يربط برنامج التقييم في التقرير الذي حمل شعار (الماء من أجل الناس، الماء من أجل الحياة)، بين النقص في إمدادات المياه وهدرها من جهة وسوء التغذية في الدول النامية من جهة أخرى، موضحاً أن 70% من المياه العذبة في بعض الدول النامية و30% في كل هذه الدول تستهلك في الري الزراعي، الذي يسجل هدراً لا يقل عن 55% بسبب تخلف الأساليب والطرق، في حين تعاني هذه الدول النامية معدلات سوء تغذية مقلقة.

ويعتمد التقرير على دراسة لمنظمة الزراعة والأغذية الدولية" الفاو"، الذي يظهر أن سوء التغذية يطول ما بين 40% و50% من سكان إفريقيا الوسطى وشرق إفريقيا وإفريقيا الجنوبية، وأكثر من 30% من سكان منطقة الكاريبي، وأكثر من 20% من سكان الهند وجنوب آسيا، وأكثر من 10% من سكان أمريكا الوسطى والجنوبية وغرب إفريقيا والشرق الوسط والصين وجنوب شرق آسيا، ويحذر التقرير من سوء توزيع إمدادات المياه، خصوصاً في أمريكا اللاتينية وآسيا، حيث نسبة من لا تصلهم الإمدادات تصل إلى 42% من عدد السكان، وفي إفريقيا حيث تصل نسبة هؤلاء إلى 39%. ويشير إلى أن إمدادات المياه الصالحة للشرب تصل إلى 79% فقط من سكان المدن حول العالم، وتتدنى إلى 25% خارج المدن الرئيسية، وينبِّه إلى أن عدم وصول المياه الآمنة يرفع نسب الإصابة بأمراض معدية، مؤكداً أن كمية المياه الملوَّثة في العالم تبلغ 12 ألف كيلومتر مكعب، وتتسبب بأمراض متصلة بهذا التلوث تؤدي أيضاً إلى وفاة نحو 2.2 مليون إنسان سنوياً، أي ما يشكـِّل نسبة 19% من الوفيات الناتجة عن الأمراض المعدية، وهي تفوق نسبة الوفيات بالإيدز التي تصل إلى 15% من مجموع وفيات الأمراض المعدية، ويربط التقرير بين نوعية المياه وتدهور التنوع الحيوي، فيسجِّـل تقهقر الكائنات الحية البحرية بنسبة 36% بين العام 1980 والعام 2000، وتراجع الكائنات الحية في المياه العذبة بنسبة 51%، في حين تدهور التنوع الحيوي النباتي بنسبة 26% في الفترة ذاتها.

استخدامات المياه حول العالم:

ويقدِّم التقرير نماذج عن استخدامات المياه العذبة حول العالم، ويتبيَّن أن 8% فقط من هذه المياه تستخدم في المنازل، و22% في الصناعة، في حين تحظى الزراعة بنسبة 70% من المياه المستخدمة.
وعلى مستوى الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض، تستهلك الاستخدامات المنزلية 11% من المياه المتوفرة، والصناعة 59%، ولا يستخدم في الزراعة سوى 30 %. أما على مستوى الدول الصناعية والغنية، فإن الاستخدام المنزلي يحظى بنسبة 8% من المياه، والزراعة بنسبة 10% فقط، والصناعة بنسبة 82%..

الفقراء أكثر تأثراً:

ويشير تقرير الأمم المتحدة إلى معاناة سكان الدول النامية بسبب أزمة المياه المتفاقمة كماً ونوعاً، لافتاً الانتباه إلى أن نصف سكان هذه الدول يحصل على مياه آمنة صحياً، في حين تصل المياه الملوثة إلى النصف الآخر، كما يلفت إلى أن حصة الفرد من المياه العذبة في الدول الصناعية الكبرى الغنية تفوق حصة الفرد في الدول النامية بمعدل يراوح ما بين ثلاثة أضعاف و50 ضعفاً، في وقت تتدنى فيه نوعية المياه في الدول النامية بسبب استمرار تدفق الملوثات في مصادر المياه، إذ تسجل أنهار آسيا، على سبيل المثال، نسب تلوث بكتيري ممرض يبلغ ثلاثة أضعاف المعدل العالمي، ونسبة تلوث بالرصاص تصل إلى 20 ضعف معدل هذا التلوث في مياه الدول الصناعية.
ويربط التقرير بين تدني كمية المياه العذبة ونوعيتها في العالم والزيادات السكانية ومعدلاتها من جهة، وبين التغير المناخي وزيادة التلوث من جهة أخرى، موضحاً أن حصة الفرد انخفضت بمقدار الثلث بين العام 1985 والعام 2005، ومتوقعاً انخفاضاً مجدداً بمقدار الثلث خلال السنوات العشرين المقبلة، الأمر الذي يهدد بنزاعات وحروب حول المياه، وبتفاقم المشكلات الصحية والبيئية بسبب التلوث، الذي يزداد بفعل تغيُّر المناخ وعدم ترشيد استخدامات المياه، وبفعل خطط التنمية القاصرة، التي تسبب تدهوراً بيئياً مستمراً في الدول النامية والفقيرة. وهو أمر لا يغيب أيضاً عن بعض الدول المتقدمة، التي تعاني نقصاً حاداً في المياه ومستويات كبيرة من التلوث الصناعي.
ويدعو التقرير إلى إدارة المياه بحكمة من أجل تنمية مستدامة، وإلى إدراك الحاجة إلى التحكم السليم في المياه، وإجراء إصلاحات في السياسات، وإلى تنفيذ القوانين والإجراءات الضرورية لحدوث تنمية مستدامة، ويؤكـِّد أهمية اعتماد مبدأ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، الذي لا يزال ينفذ جزئياً في البلدان المتقدمة والنامية، ويرى أن كوكب الأرض يواجه أزمة خطيرة في المياه مطلع القرن الحادي والعشرين، وأن هذه الأزمة تزداد تفاقماً، وسوف تستمر ما لم يتم القيام بعمل تصحيحي، ويردُّ سبب الأزمة إلى الأساليب السيِّئة في إدارة الموارد المائية، معتبراً أن المأساة الحقيقية تكمن في تأثير الإدارة والأزمة على الحياة اليومية للفقراء، الذين يثقل كاهلهم عبء الأمراض المتصلة بالمياه والعيش في بيئات متدهورة ومحفوفة بالمخاطر.

المصدر: جريدة النور/ وهدان وهدان/ عن الإنترنت - موقع الأمم المتحدة
yomgedid

بوابة "يوم جديد"

  • Currently 232/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
77 تصويتات / 1789 مشاهدة

ساحة النقاش

GREENSIWA
<p>WE ARE PEAPOL&nbsp; FROM SIWA - EGYPT</p> <p>WE HAVE SEMEP PROPLEM</p> <p>NO MAIND</p> <p>&nbsp;</p>
SIWA OASIS فى 5 أكتوبر 2010 شارك بالرد 0 ردود

ابحث

تسجيل الدخول

معبد الأقصر